يستقبل السعوديون الذكرى الثامنة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز– حفظه الله– وهي مناسبة غالية على قلوبنا، نسترجع فيها الإنجازات التي تحققت لبلادنا خلال الأعوام الماضية، ونتأمل في النجاحات الكبيرة التي وصلنا لها، وهي سلسلة متصلة مضيئة جعلت بلادنا ضمن مجموعة العشرين التي تضم أكبر 20 دولة في العالم من حيث المكانة الاقتصادية والسياسية. تنوعت المنجزات ولم تقتصر على مجال دون غيره، فعلى الصعيد السياسي تبوأت السعودية مكانة رفيعة بين الأمم، وأصبحت محطة رئيسية يقصدها معظم رؤساء العالم للتنسيق مع قياداتنا خصوصاً في ما يتعلق بصناعة القرار العالمي، كم تحرص المؤسسات الدولية على معرفة وجهة نظرها التي دوما ما تكون موضع الاحترام والتقدير. أما على الصعيد الاقتصادي، فالجهود جارية لتنويع موارد الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد لتجنب التأثيرات السالبة التي تتعرض لها الأسواق العالمية، إضافة إلى تحقيق الاستدامة وعدم استنزاف الموارد وضمان استفادة الأجيال المقبلة منها. كذلك تشهد بلادنا جهودا متواصلة لتوطين التقنية والتحول الكامل لاقتصاد المعرفة ورفع مقدرات الشباب وزيادة مهاراتهم، هذا إضافة إلى منجزات أخرى متعددة قد لا يكون المجال كافيا لحصرها. ومما يميز شخصية قائد هذه البلاد المباركة هو تمسكه بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وتأكيده على الدوام أن المملكة سوف تظل بلاد الحرمين الشريفين التي تعتمد في كافة قوانينها وأنظمتها على الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع، وحرصه على تثبيت هذا المبدأ وأن التطور الذي تشهده بلادنا هو ضرورة استلزمتها حتمية التفاعل مع المحيط العالمي، لكنه لن يكون، بإذن الله، على حساب القواعد المتينة التي قامت عليها المملكة منذ توحيدها. هذا التأكيد كان ضروريا للذين لم يستوعبوا مفردات المرحلة وفسروها بغير معناها، وهو ما حرصت القيادة الحكيمة على توضيحه بمنتهى الشفافية. ويدرك المتخصصون في علم السياسة أن الاستقرار السياسي الذي ظل سمة ملازمة للمملكة منذ توحيدها هو كلمة السر في النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تتمتع بها. ولأن الدول تبنى بسواعد أبنائها، فإن واجب الانتماء يستوجب منا زيادة التلاحم وإعلاء القيم الوطنية، إعمالا لمبادئ الشريعة الإسلامية التي تفرض الاستمساك بالوحدة والبعد عن التشرذم والفرقة وطاعة ولي الأمر، ووفاء لهذه القيادة الرشيدة التي لم تدخر وسعا في سبيل تنمية الوطن ورفعة شأنه ورفاهية شعبه، وهذا لن يكون بمجرد الأقوال والكلمات، بل يجب أن يتحول إلى نهج على الأرض يدفع كل منا إلى القيام بالدور المطلوب منه على أكمل وجه، سواء الطالب في مدرسته أو العامل في مجاله أو الجندي في الميدان. التهنئة في هذا المقام أرفعها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان– حفظهما الله– وإلى الشعب السعودي الكريم، راجيا من الله أن يحفظ لبلادنا تقدمها ونهضتها، وأن يقيها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، لتظل على الدوام أرضا لرسالة الإسلام ومصدرا للحكمة ومنبعا للنور ومهوى لأفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.