سبق أن أشرت في مقالي السابق عن برنامج بناء القدرات البشرية إلى أن خمس الشباب في الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD لا يملكون أدنى مستوى من مهارات سوق العمل في مجتمع اليوم هذه النتيجة الصادمة عادة تفسر بأسباب تتعلق بفرص التعلم Opportunity to learn (OTL) وخلفية الطالب (الاجتماعية والاقتصادية والثقافية) ويقصد بفرص التعلم بشكل عام إلى المدخلات والعمليات داخل سياق المدرسة ويمكن أن تشمل فرص التعلم خارجها مثل جهود الأبوين في تثقيف أبنائهم بشراء الكتب أو أخذهم في زيارات للمتاحف أو تشجيعهم على الاستكشاف وربما من الجيد الإشارة إلى ما عرضته قناة Nobel Prize في اليوتيوب من لقاءات بالفائزين بالجائزة تضمنت سؤالاً عما الذي دفعهم للبحث فكانت معظم إجاباتهم تتعلق بجهود الأبوين مثل أخذتني أمي لمشاهدة فيلم عن المخترع فلان، ذهبت في رحلة مع والدي للغابة ورأيت كذا أو كان لدينا مكتبة في البيت وهذا يقودنا للقول، إن فرص التعلم نفسها تتأثر بخلفية الطالب، لذا هي مكون أساسي في الدراسات الدولية التي تطبق عالمياً والتي طبقت على الطلاب السعوديين أيضا، لذا أشير إلى ما قد يستشف منه إشارة للفروق بين الطلاب من بيئات مختلفة في أدائهم العلمي في الرياضيات من نتائج دراسة TIMSS في الرياضيات لسنة 2018 والتي شاركت فيها المملكة ونشرت نتائجها، مؤخراً، ومنها أن متوسط أداء طلاب الصف الرابع الذين ينتمون لبيئات محدودة الدخل 371 درجة وهو أقل من متوسط أداء زملائهم من بيئات موسرة بحوالي 49 درجة حيث بلغ متوسطهم 425 درجة. كذلك وجد أن أداء طلاب الصف الثاني المتوسط في الرياضيات الذين يتغيبون على الأقل مرة في الأسبوع-وهو غالباً بسبب أمور تتعلق بالأسرة واهتمامها بالمدرسة- متوسط أدائهم 358 في مقابل أداء لطلاب لا يتغيبون أبداً بلغ متوسطه 419 درجة أيضاً كان هناك تباين في أداء الطلاب الذين يملكون كتبا في المنزل والذين لا تتوفر لهم كتب في المنزل وصل إلى 80 درجة فارق في المتوسط، حيث كان متوسط أداء الذين تتوفر لهم الكتب في الرياضيات 466، بينما حصل الذين لا يملكونها على 382 متوسط أداء في الرياضيات. هذه النتائج توضح حجم تأثير خلفية الطالب في قدرته على اكتساب المهارات والقدرات، وتدعونا للتفكير بشكل جدي في كل ما يعالج أي تحد في خلفيات الطلاب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية قد يتسبب في عدم اكتسابهم للمهارات رغم ما تقدمه المدرسة من فرص للتعلم، وهذا يدعونا للإشارة إلى أول ما يجب أن نهتم به للوصول إلى هدفنا وهو الأسرة ووعيها بدورها في إكساب هؤلاء الشباب للمهارات المستهدفة، لذا لا بد من وضعها في صورة أكثر دقة وأكثر أهمية، وهذا لا يتحقق إلا بجعل من يمثلها وهو مجلس شؤون الأسرة عضوا فعالا في برنامج تنمية القدرات البشرية، لتقليص الفجوة الناتجة عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأسر على اكتساب هؤلاء الشباب للقدرات والمهارات.