من ينسحب قليلا من المجتمع يعيش حالة عزلة اختيارية، تجعله يستأنس بأفكاره العميقة وأشيائه البسيطة. إنها عزلة التأمل. العزلة فن لا يجيده إلا حاذق. وهي أشكال وأصناف ومنها: عزلة الذكرى وعبر عنها نزار قباني: رباه أشياؤه الصغرى تعذبني فكيف أنجو من الأشياء. هناك عزلة التدين التي ألف بها أبو حامد الغزالي معظم كتبه،ومنها كتاب آداب العزلة. وهناك أيضا عزلة الفلسفة التي قضى بها الفيلسوف الألماني فريدرك نيتشه سنينا من عمره وما أن خرج من عزلته حتى عاد مشتاقا لها حيث يقول «أنتِ وطني أيتها العزلة، لقد طال اغترابي في بلاد المتوحشين، فها أنا ذا أعود إليك أيها الوطن وعيناي تذرفان الدموع». لا يمكننا في هذا المقال أن نتحدث عن جميع أجواء العزلة وأمثلتها، ولكن أريد الإشارة إلى موضوع كورونا والحجر الصحي، وأتساءل هل مثل الحجر الصحي عزلة للبشرية؟. الإجابة لا على الأغلب لأن الجوال كان في أيدي الجميع. العزلة هي أن تعيش عالمك منفردًا بأفكارك، وليست أن تعيش عالمًا افتراضيًا آخر،فأنت قد اختفيت لترى عالمك من بعيد لا لترى عالمًا آخر!.