صدرت موافقة مجلس الوزراء الموقر برئاسة خادم الحرمين الشريفين على مشروع نظام التخصيص، أحد مبادرات رؤية المملكة العربية السعودية 2030. وهذا يُعزز بلا شك الشراكة بين القطاعين العام والخاص ونقل ملكية الأصول الحكومية المملوكة للدولة، وتحريرها أمام القطاع الخاص، وتخصيص خدمات حكومية محددة، والتوسع في مشاركة القطاع في مشاريع البيئة التحتية والخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين، حيث أثبتت التجارب في عديد من دول العالم أن عمليات الخصخصة كانت في معظمها ناجحة ومميزة، وانعكست آثارها الإيجابية على الدول، وخففت من الأعباء الإدارية، وفرغت الحكومات للأعمال المهمة، والتي تركز على تطويرها سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وحققت لها وفورات مالية، وكفاءة تشغيلية، وإنتاجية ملحوظة.. بينما فقدت عدد من الدول مليارات الدولارات من جراء التأخر في تنفيذ برامج الخصخصة، ومن المهم أن نشير إلى النجاحات الكبيرة المتحققة للقطاعات الحكومية في المملكة، والتي قامت الدولة سابقا بخصخصتها مثل سابك التي حققت صافي أرباح حوالي 22 مليار ريال، وكذلك الاتصالات السعودية التي طورت خدماتها وسهلت أعمالها، واستقطبت أعدادا كبيرة من الموظفين، وتوسعت خارجيا، وأصبحت من أكثر الشركات التي تدر أرباحا مجزية للدولة ومساهميها، حيث تجاوزت الأرباح المحققة عتبة ال10 مليار ريال، وكذلك البنك الأهلي الذي تحسنت ربحيته بعد الطرح الأولي في السوق المالية، وحقق أكثر من 10 مليارات ريال. وهناك شركة معادن، التي تعول عليها الدولة كثيرا في رؤيتها 2030 لاستغلال الثروة المعدنية التي تزخر بها أرض المملكة، والتي تقدر بحوالي 5 تريليونات ريال، وغيرها من الشركات التي تحولت إلى شركات مساهمة عامة مدرجة في السوق المالية السعودية وتحقق نموا جيدا في نتائجها المالية. وبما أن التعليم يعتبر أحد الأسس المهمة للتنمية والتطوير في أي مجتمع، فإنه يأتي ضمن أولويات الدولة في برنامج الخصخصة؛ لضمان جودة عالية للمخرجات التعليمية وتقليل العبء الاقتصادي، حيث خصخصة التعليم انسجاما مع خطة برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 التي تركز على إصلاح اقتصادي شامل، لزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي، وتقليل الهدر، وتحقيق مستوى عال من التشغيل والفاعلية، ورفع جودة العمل، وتخفيض الإنفاق، والتخلص من البيروقراطية في جهاز التعليم الضخم. وفي إطار الإصلاح الاقتصادي تبدو خصخصة التعليم خيارا مهما لتمويل الإنفاق على التعليم مع الازدياد المضطرد في النمو السكاني، والحاجة المتنامية للتوسع في التعليم، إن التعليم الجيد هو العلاج الناجع لعدد من مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية، كما أن ملف التعليم القوي هو من يعول عليه لقلب موازين الاقتصاد مستقبلا من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد منتج وفاعل في الدورة الاقتصادية، وهذا بدوره يقتضي أن تكون عملية خصخصة التعليم عملية متأنية وعلى مراحل وفق ضوابط صارمة ومشددة، لضمان أعلى مستوى من الكفاءة والفاعلية وتجويد مخرجات التعليم بما يخدم رؤية هذا الوطن العظيم المملكة العربية السعودية.