يقول الكاتب الكندي جابور ماتي «يمكن للسكين أن تصبح أداة قتل في أيدي مجرم، لكنها بين يدي جراح تستخدم لإنقاذ الأرواح». هذه الرؤية يمكن تطبيقها بطريقة أقل دراماتيكية على تطبيق الرسائل المشفرة (واتساب) الذي أحدث ثورة في التواصل، لدرجة أننا لا نزال نتعامل مع تأثيره الحقيقي، سلبا وإيجابا، في كافة شؤون الحياة. ومع الانتشار الواسع للتطبيق بين لاعبي أندية كرة القدم، يكشف تقرير لمجلة FourFourTwo الإنجليزية علاقته الحقيقية والصاخبة باللعبة. خدمات لوجستية كأي مكان عمل، تنتشر مجموعات تطبيق (واتساب) في الأندية الكروية بشكل واسع، مضيفة بُعدا جديدا لطريقة تواصل اللاعبين، وفي المقام الأول كوسيلة «مزاح». ويؤكد أحد لاعبي الكرة المتمرسين، دون الكشف عن هويته، أن «المجموعة تمثل امتدادا لأحاديثنا كلاعبين في غرفة الملابس، وأعتقد أنها ساعدت على رفع روحنا المعنوية، والرسائل المتبادلة بيننا مبهجة، وتتضمن ملاحظات وصورا وحتى انتقادات لاذعة، ولكن كل ذلك يتم باحترام». الخدمات اللوجستية أيضا هي إحدى الفوائد، ويشرح ذلك الهولندي فرانكي دي يونج مدافع أياكس السابق وبرشلونة الحالي، «نحصل على أخبار الفريق إذا تغير وقت التدريب لدينا»، كما استخدم دي يونج التطبيق لإبلاغ زملائه في الفريق عن انتقاله إلى برشلونة، «لقد أخبرتهم قبل أن ينتشر الخبر، لم نتدرب في اليوم التالي، لذلك اعتقدت أنه في حال تم الإعلان عن انتقالي قبل أن أراهم في المرة التالية، فسأعلمهم عبر رسالة قبل أن يقرؤوا عنه في وسائل الإعلام». ارتباط وتواصل لا تقدر أهمية مجموعات (واتساب) بثمن، نظرا لسلاستها في ترتيب اللاعبين فيما بينهم للتواجد في مكان وتوقيت واحد، حيث يلجأ إليه مدرب منتخب إنجلترا للسيدات «فيل نيفيل» للتواصل مع كل لاعباته. أيضا أنشأ اللاعبون الإنجليز المحترفون في الخارج مجموعة خاصة بهم، ويدعم الثنائي المعار في ألمانيا جادون سانشو «بروسيا دورتموند» وريس نيلسون «هوفنهايم» بعضهما بعضا، وهما من كبار المعجبين بالتطبيق. ويرتبط لاعبو تشيلسي المعارون البالغ عددهم 33 لاعبا بمجموعة (واتساب)، ويوضح المدرب إدي نيوتن «هؤلاء الشباب من منتجات النادي ونراقب تقدمهم ومبارياتهم بانتظام»، ويضيف «نشأ كثير من هؤلاء اللاعبين معا ويعرفون بعضهم البعض جيدا، لذلك يشعرون بالراحة باستخدام هذا النوع من المنصات التي تساعدنا أيضا في توصيل رسائلنا إليهم.. إنها وسيلة رائعة بالنسبة لنا أثبتت نجاحها الكبير». فائدة مشروطة يقول الدكتور دانييل سميث، المحاضر في علم الاجتماع بجامعة كارديف، إنه على الرغم من أنه يمكن أن يكون تطبيق (واتساب) مفيدا عندما تسير الأمور على ما يرام لفريق، إلا أنه لا يوجد دليل قوي يدعم فكرة أن إنشاء مجموعة سيساعد اللاعبين دائما بطريقة إيجابية، موضحا «لديك لاعبون ضمن فريق متعدد الأعراق واللغات، وبإمكانهم العمل معا لأنهم محترفون، ولكن منحهم مجموعة (واتساب) لن يساعد دائما، في هذه المجموعات سيستمتع البعض ولن يستمتع آخرون، هناك أشخاص هادئون وآخرون متغطرسون، لذلك وكما في الحياة اليومية، لديك نفس المشاكل». في الأساس، لا تعمل مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي إلا إذا كان الجميع ملتزمين تماما، يقول سميث «التواجد مع آخرين ممتع، وهو أمر لا يحظى به الجميع، وعندما تمارس رياضة جماعية، فأنت تصبح اجتماعيا، ولكنك أيضا تفعل شيئا آخر، وهو الالتزام بقواعد اللعبة، ووسائل التواصل الاجتماعي تعتمد على التواصل المتبادل لمجرد أنك تريد التسلية، وبالطبع لا يريد الجميع دائما فعل ذلك». تفاصيل دقيقة فيما يخص جانب الانتقالات في كرة القدم، غيّر تطبيق (واتساب) عملية توقيع العقود، يقول دانييل جيي، محامي كرة القدم ومؤلف كتاب Done Deal الذي يستكشف العالم الخفي لعمليات الانتقالات، إن التطبيق «وسيلة تواصل فعالة وآمنة، وأداة مفيدة عند الشروع في عملية انتقال، يتحدث من خلاله جميع الأطراف، لاعبون ووكلاء وأيضا إداريون إلى بعضهم البعض»، مضيفا «العمل على كثير من التفاصيل الدقيقة يتم على (واتساب)، قبل أن يُنجز عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف، أيضا يتم تشغيل خيارات الصوت والفيديو، خاصة عندما يكون لديك وكلاء أجانب لا يريدون إنفاق آلاف الجنيهات لإجراء مكالمات دولية». ويقول جيي أيضا «الآن تستخدم أيضا الرسائل المصورة الآن كثيرا، قد يرغب النادي في الحصول على تفويض لاعب من وكيل، أو قد يرغب الوكيل والنادي في معرفة مكان وجود اللاعب فعليا، ويمكنه إرسال صورة وهو في طريقه للمطار مثلا، وهو ما يمكن أن يظهر الموثوقية بمسار المفاوضة على صفقة ما، بالإضافة إلى ذلك، فإن التطبيق مفيد بشكل خاص للتفاوض على الأمور المتعلقة بالجانب التجاري». منعطف مظلم اتخذت علاقة تطبيق (واتساب) باللعبة الاحترافية أحيانا منعطفا مظلما للغاية، أشهرها الرسائل التي شكلت جزءا من إدانة لاعب سندرلاند وإنجلترا السابق آدم جونسون، بارتكاب جرائم جنسية للأطفال (تمت قراءة أكثر من 800 رسالة في المحكمة)، أو قتل وتشويه لاعب خط وسط ساو باولو البرازيلي دانييل كوريا في أكتوبر الماضي، بعد أن استخدم (واتساب) لإرسال صور له مع زوجة قاتل كجزء من «مزحة»، أيضا التقطت الكلمات المأساوية الأخيرة لإميليانو سالا في الرسائل الصوتية عبر (واتساب) خلال سفره إلى كارديف على متن طائرة خاصة قبل اختفائها. هناك أيضا جانب سلبي يتمثل في تواجد شخص أرعن في المجموعة ذاتها، يقول لاعب سابق في دوري البريميرليج «اعتدت البقاء على أعصابي في فريقي السابق، بسبب لاعب لا يتوقف عن إرسال رسائل ومقاطع فيديو غير ذات صلة»، وأضاف «هناك أيضا أمور سلبية، كعدم الرضا عن المدرب، ويمكن أن يمتد ذلك إلى الإداريين أو ملاك النادي.. إنها أمور ستصيبهم بالجنون في حال اكتشافها». حذر مطلوب في النهاية، كما هو الحال مع معظم وسائل التواصل الاجتماعي، فإن مفهوم (قفازات الأطفال) هو أفضل طريقة للاعبين، بل لنا جميعا، للتعامل مع تطبيق (واتساب)، يقول عالم الاجتماع دان سميث «أي تقنية جديدة سيكون لها طرق لخلق ثغرات ضئيلة في الطريقة التي نكشف بها عن أنفسنا، قد يلتقط الناس صورا غير مشروعة وينجرفون في أمور عنصرية، وأمور تتجاوز اللعبة، وفي ثقافة تحكمها القواعد الشخصية، فإن لاعبي كرة القدم تحت المجهر، ويجب أن نكون حذرين». فيما يشدد المحامي جيي «أعتقد أن بمقدورنا أن نكون متأنين للغاية قبل توبيخ أولئك الذين يقولون شيئا غير مرغوب فيه، فيما يفترض أن يكون مجموعة خاصة»، مختتما «الآن عندما يرتكب الأشخاص أخطاء هناك دائما كاميرا تراقب، ومن السهل جدا للاعبين الوقوع في الفوضى، عبر رسالة أو صورة لا ينبغي إرسالها، وعصر الهواتف المحمولة بأكمله يجعلهم حذرين للغاية.. أعتقد أنه من المهم أن نتذكر أننا جميعا معرضون للخطأ، وعندما تسوء الأمور، ربما ينبغي أن نمنح اللاعبين وقت استراحة أكثر مما يحصلون عليه في الوقت الحالي». مزايا WhatsApp يقدم إمكانية التواصل للاعبين يحقق لهم الإبلاغ عن مواعيد تغيير التدريبات يزيد الألفة عبر مواصلة أحاديثهم التي نشأت في غرفة الملابس يستخدم في التقديم لمفاوضات الانتقال ويعوض الاتصالات الدولية يؤكد الثقة عند التفاوض وإبرام الصفقات عيوب مثل أي مجموعة قد يكون فيه بعض المتنمرين اختلاف ثقافات اللاعبين قد يؤدي لعدم التناغم يمكن لمجموعاته توريط اللاعبين في قضايا لا يريدونها يمكن استخدامه لإدانة اللاعبين في تجاوزات