يواجه الإنسان كثيرا من المصاعب والعديد من المصائب، من فجر يومه الأول إلى ليلته الأخيرة في حياته. تتنوع هذه المصاعب في أشكال مختلفة من الهموم والغموم، فقد يكون مصدرها الحياة العائلية، وقد تكون في علاقاته بالعمل، وقد تكون في علاقاته مع جيرانه وأصدقائه، وقد يكون مصدر هذا المصيبة بيئته برمتها، بل وبلده بشتى نواحيه كما هو الحاصل في حالات الحروب. من أجل ذلك أصبح علاج الأمراض النفسية (أمراض العصر) من أهم معالم الدول المتقدمة التي تحرص على بناء المواطن، وإبعاده عن جميع الضغوطات التي تحيط به حتى يكون شخصا منتجا في مجتمعه. ونحن كمسلمين لا شك في أن أفضل أنواع العلاج لدينا هو القرآن العظيم، فهو شفاء ورحمة للمؤمنين، وليس مجرد علاج قد يشفي أو لا يشفي، بل هو شفاء تام لجميع الأمراض، بإذن الله تعالى. والحقيقة أن الأمراض النفسية هي الأشد والأنكى على النفس من الأمراض العضوية، فمرضها في الغالب مستمر دائم، إضافة إلى أن كثيرين لا يستطيعون التمييز فيما إذا كان تصرف المريض النفسي تصرفا عاديا أو مرضيا، فغالبا لا تظهر علامات المرض على المريض النفسي، فهو يؤدي واجباته اليومية على الوجه المطلوب، ولا يعطي منظره الخارجي أي انطباع عن مرضه، ولكنه قد يصاب بنوبات مفاجئة تضعه في حرج من حيث لا يدري، وما هي إلا ساعات بسيطة حتى يعود إلى طبيعته. قد تستمر تلك المعاناة مدة طويلة كشهر أو أكثر، وقد تكون متأرجحة، فتارة في وضع جيد وتارة غير ذلك. لذلك أدرك كثيرون أن العلاج النفسي هو الأهم بعد العلاج القرآني لكثير من أصحاب الضغوطات الذين تصيبهم نوبات مفاجئة ولا يعرفون مصدرها. والواقع أن المريض إذا لم يستجب لعلاجه فقد يَضُر كثيرا ممن يعيشون حوله، وقد ينتقل هذا المرض عن طريق الوراثة، فتتحول أسرة ذلك المريض إلى جحيم لا يطاق، خصوصا إذا لم يستجب للعلاج، أو تأرجحت حالته النفسية، فهو في تبدل تام في المزاج، مما قد يسبب خسارته لكثير من علاقاته الأسرية والاجتماعية. والله نسأل أن يحفظ علينا وعلى المسلمين الدين والعقل، وأن يسلمنا من هذه الأمراض النفسية منها والعضوية.