في ظل ما تشهده مناطق كثيرة من العالم من فوضى واضطرابات أمنية، باتت هناك ضرورة ملحة لتعزيز قيم السلام العالمي التي نص عليها ميثاق الأممالمتحدة، والتي تتمثل في نبذ الحرب واستخدام القوة في العلاقات الدولية، واتخاذ الوسائل السلمية منهاجا لحل المنازعات التي تنشأ بين الدول. التطور المتسارع الذي شهدته البيئة الدولية والإقليمية والوطنية، ولَّد قضايا وتحديات جديدة أمام الدول، فكانت مملكة البحرين في طليعة دول العالم تعاونا مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، من أجل تعزيز السلام والدفاع عن قضايا الإقليم الأمنية والاقتصادية التي فرضتها تحديات التدخلات الخارجية في شؤونها، وهذا ليس بجديد على شخصية البحرين التاريخية، فهي قبل انبثاق فجر الرسالة الإسلامية كانت تحتضن بحرية تعدد الأفكار والمعتقدات على أرضها كنموذج نادر المثال في تلك العصور. ازدهت الثقافة وتعايشت الأديان في ظل التسامح، حيث تعمقت في وجدان هذا الشعب قيم الحضارة الإسلامية، بما تمثله من سماحة وعدالة ينبغي التمسك بها والحفاظ عليها، والدفاع عنها للحفاظ على الوحدة الوطنية، وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. وإيمانا بوحدة الهدف والمصير والمصلحة المشتركة مع أشقائها العرب ضمن المنظومة الأمنية لشعوب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنها قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، وزعزعة الاستقرار، وجهود الإغاثة والتنمية وغيرها، اتخذت البحرين خطوات متسارعة بقيادة صاحب الجلالة ملك البحرين المفدى نحو تعزيز المسيرة الديمقراطية والاندماج العالمي، نحو تدعيم المشاركة المجتمعية في تحمل مسؤولية التنمية، وهو ما جعلها تأخذ مرتبة متقدمة بشأن تقارير التنمية التي تعد مؤشرات عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية، وترسيخ أواصر الأمن والاستقرار والوئام الوطني والإقليمي. وتحرص البحرين على المشاركة في الجهود العالمية وفي كل المحافل الدولية، من أجل الإسهام في تعزيز هذه القيم، لإيمانها بأن المجتمعات اليوم أحوج ما تكون إلى الأمن والاستقرار، ونزع فتيل التوترات والنزاعات، لتحقيق هدف الشعوب في التنمية المستدامة والعيش الكريم. وقد مثلت مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على مبادرة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بتسمية وإعلان الخامس من أبريل (اليوم العالمي للضمير) لتعزيز ثقافة السلام، علامة بارزة لهذه المبادرة البحرينية في تعزيز ثقافة السلام، ومحل تقدير لتلك لجهود التي يبذلها سموه لتعزيز السلام والأمن والتسامح والوئام على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. وجاءت الاحتفالية الأخيرة التي شهدتها العاصمة النرويجية أوسلو والتي منحت خلالها جمعية 14 أغسطس جائزة ضيف الشرف النرويجية لعام 2019 لرئيس الوزراء البحريني، والتي تعدّ من الجوائز الرفيعة التي نالها كبار الشخصيات العالمية التي لها إسهامات متميزة في دعم قيم السلام والتعايش، وهو يبذل قصارى جهده على مدى عقود بهدف رفع مستوى المعيشة في مملكة البحرين، عبر التركيز على التنمية المستدامة، والتحديث وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة للجميع.