علي ذمة ( صحيفة المصريون ) امس فقد صار للصم البكم مباريات في كرة القدم ومشجعين بالصمة . التفاصيل : مباراة صامتة دون هتافات ولا مشاجرات ولا حتى صافرة حكم، لاعبو كرة قدم يلعبون فى صمت شديد، ومتفرجون يشجعون بالإشارة وبأعلام كلا الفريقين، ولا يعنى ذلك أن حالة الهدوء انعكست على المباراة لأنها كانت ساخنة جدا. الفارق الوحيد بين لعبة كرة القدم فى أكبر الأندية المصرية وفى فريق الصم والبكم، لم يكن فى أصوات المشجعين التى تحفز اللاعبين فقط، ولكن هناك فرقاً آخر يبدو أكثر تأثيرا على مستوى اللعبة، وهو أن فريق الصم والبكم ينفق على مبارياته، كما أن دافع اللاعبين فى كلتا الحالتين مختلف، ففى الفرق الكبيرة يكون هدف معظم اللاعبين تحقيق شهرة ونجومية ومكسب مادى، وهى أهداف لا يفكر فيها فريق الصم والبكم، ومن الصعب تحقيقها. أحمد زكى، حارس مرمى محترف فى فريق الصم والبكم، مثله الأعلى هو عصام الحضرى، يحب الكرة أكثر من أى لاعب آخر فى الفريق، وبصوت منخفض وببعض الإشارات عبَّر أحمد: «أحب الكرة جدا ومش عاوز أتجوز، عاوز أفضل أحب الكرة وألعبها.. بفكر فيها وأنا فى شغلى، ونفسى آخد فلوس منها زى ما اللعيبة العاديين بياخدوا، علشان أسيب الشغل وأتفرغ للكرة لأنى بحبها أكتر من شغلى.. الكرة هى حبى القديم منذ ١٨ عاما». بعد عامين من لعب الكرة حصل أحمد على الكأس فى دورى كرة القدم للصم والبكم، ولا يرى فرقا بينه وبين اللاعبين الأسوياء: «الكرة محتاجة جسداً وعينين فقط ولا تحتاج للصوت أو الكلام.. يعنى طالما بشوف وجسمى حلو يبقى مافيش فرق بينى وبين لعيبة الأهلى والزمالك ليه هما ياخدوا فلوس وأنا أدفع من جيبى؟! يا ريتنى كنت فى الكويت ولا قطر ولا السعودية بيقدروا اللعيب الأصم». وإذا كان كل من المشجعين واللاعبين من أعضاء «الجمعية المصرية للصم والبكم»، فمدربهم كان دخيلا على عالمهم الصامت، ومثلما علمهم الكرة علموه هم لغة الإشارة. قائد هذا الفريق هو محمد سليمان، حقق ١٦ فوزا متتالية لفريقه ضد بقية فرق مصر فى مختلف محافظاتها، لأن الخروج لما هو أبعد من حدود مصر كان أصعب عليه وعلى فريقه، وهو ما أكده: «لو كانت المباراة فى محافظة أخرى بندفع ٢٠٠٠ جنيه رايح و٢٠٠٠ أخرى للرجوع لأن السفر يكون على نفقتنا الخاصة.. لكننا لا نستطيع دفع ثمن تذكرة الطيارة». طقوس تدريب ومباراة الصم والبكم، كما يصفها محمد سليمان، أكثر هدوءا من أى مباراة أخرى، لأنها بلا خناقات ولا توتر، وحتى الإنذار من الحكم يكون من خلال رايات بدلا من الصافرة، أما المشجعون فأغلبهم يكون من الصم والبكم، وبالتالى تقتصر مظاهر تشجيعهم على رفع «تى شيرتات» كل فريق. ويقول: «أنا دربت لعيبة أسوياء ولعيبة صم وبكم لكن لاحظت إن لعيبة الصم والبكم أكثر تركيزا وأسرع فى الفهم.. بصراحة مريحين جدا فى التدريب، وكفاية إنهم بيلعبوا حبا فى الكرة لأنه لا يوجد أى دافع آخر يشجعهم على اللعب. كما أن الفرق بين اللاعب فى فرقتنا وأى لاعب آخر أن الفوز يساوى لدى أى لاعب ملايين ومكافآت، لكن عندنا يساوى ميدالية ب١٥٠ جنيها من العتبة وشهادة تقدير، لدرجة أنهم بيصعبوا عليا وبعملهم حفلة وأجيبلهم تورتة على شكل ملعب، أما الفرق الثانى فهو أن المباراة تكون على حسابنا لأننا ندفع ثمن تأجير الملعب ٣٠٠ جنيه».