ليس من السهل أن نطلق على نموذج العلاقات السعودية الأميركية بأنها يمكن أن تصاب بالوهن وتستجيب بسرعة لمؤثرات محتملة تسببها إدارة أميركية تمثلت في الرئيس أوباما، كما انه لا يمكن لأي رئيس أميركي أو قوى سياسية في الداخل الأميركي ان تجعل الولايات المتحددة تدفع ثمنا باهظا من اجل تخفيض علاقتها مع دول المنطقة وخاصة الممكلة العربية السعودية، لأن العلاقات السعودية الأميركية باهظة الثمن ليس لجانب واحد وإنما للجانبين وللعالم أيضا، مع أهمية التأكيد ان السعودية عملت خلال ثمانية عقود تقريبا من علاقاتها مع أميركا على الرفع من قيمة تلك العلاقات وتوطيدها بشكل كبير لذلك يدرك السعوديون ان علاقتهم مع أميركا تتمتع بثمن باهض لذلك هم يحافظون عليها ليس لسبب سياسي وإنما لالتزام استراتيجي تدفق مع تدفق النفظ في السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي صنع من هذه العلاقة مرتكزا إستراتيجيا دوليا. يجب أن ندرك أن أميركا لا تستطيع أن تفرض ماتريد في المنطقة لمجرد كونها دولة قوية، لذلك هي بحاجة إلى حلفائها كي تحقق مساراتها السياسية بشكل جيد، وهذا ما يجعل علاقات أميركا بالسعودية بشكل رئيس باهظة الثمن ولا يمكن لأي إدراة أميركية أن تدفع ذلك الثمن.. السؤال الذي يمكن ان نطرحه الآن يقول لماذا العلاقات السعودية الأميركية باهظة الثمن ليس على مستوى الدولتين بل على مستوى العالم وخاصة في التوازن في منطقة الشرق سياسيا واقتصاديا..؟، السؤال الثاني يقول: ماهي الاحتمالات التي يمكن ان تسهم في إزالة التخمينات التي يسعى الإعلام الدولي الى ترويجها حول علاقات مضطربة بين الولاياتالمتحدة الاميركية وحلفائها في الشرق الأوسط..؟. أعتقد أن توجهات الإدارة الاميركية الحالية ساهمت بشكل مباشر في الترويج لصورة غير صحيحة للعلاقات السعودية الاميركية، وقد ساهمت الكثير من الرؤي السياسية للإدارة الاميركية الحالية في فهم مرتبك لموقف تلك الإدارة حول علاقتها في الشرق الأوسط وخاصة أن الإدارة الأميركية الحالية ومن خلال تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط بعد الثورات العربية تحديدا لم تكن قراراتها وخطوطها الحمراء صارمة كما كانت تفعل الإدارات الاميركية السابقة، وهذا ما اسهم في ظهور الكثير من الأخطاء، وأعتقد أن ظهور رئيس الاستخبارات الاميركية في لقاء على العربية وحديثه عن علاقات أميركا مع دول المنطقة كان يصب في اتجاه معاكس لما تروج له الإدارة الاميركية الحالية. هذا في الحقيقة يشرح لنا ان التحولات السياسية المفتعلة كما نراها اليوم وخلال الثماني سنوات الماضية من جانب الإدارة الاميركية الحالية، ليست تعبيرا عن تحول في السياسات الاميركية انما هي تفسيرات تخص الإدارة الحالية حول الاستراتيجية الاميركية في الشرق الأوسط، ويجب ان ندرك أن أميركا لا تستطيع ان تفرض ماتريد في المنطقة لمجرد كونها دولة قوية، لذلك هي بحاجة الى حلفائها كي تحقق مساراتها السياسية بشكل جيد، وهذا ما يجعل علاقات أميركا بالسعودية بشكل رئيس باهظة الثمن ولا يمكن لأي إدراة أميركية أن تدفع ذلك الثمن لعدة أسباب وأبعاد لا يمكن تجاوزها. البعد الاقتصادي الذي تتمتع به السعودية كمنتج رئيس للنفط ومستهلك دولي يجعل منها محورا أساسا في معادلة الاقتصاد الدولي، فالسعودية الدولة الأكبر في الخليج تمول نفسها عسكريا من مساحات جغرافية متعددة في العالم ومنها أميركا التي تحظى بالنصيب الأكبر بحكم علاقتها التاريخية، كما ان السعودية مستمثر رئيس في السوق الاميركية ماليا وتجاريا، ولديها ذات الميزات في دول عالمية كبرى مثل الصين ودول أوروبا، هذه الميزات الدولية في الجانب الاقتصادي جعلت من الاقتصاد السعودي مؤثرا دوليا رئيسا يتقاطع مع كل دول العالم المؤثرة. البعد السياسي للسعودية في منطقة الشرق الأوسط منحها الأهمية الأكبر كلاعب رئيس في قضايا المنطقة، فالسياسة السعودية وخلال قرن من الزمان تمكنت من لعب دور كبير في الاستقرار في المنطقة سياسيا واقتصاديا وعملت مع حلفائها الإقليميين والدوليين على منح المنطقة الكثير من عوامل الاستقرار السياسي، وقد شكلت السعودية لاعبا رئيسا في المنظمات الدولية وأسست الكثير من البرامج والمبادرات السياسية والإنسانية التي ساهمت في حل كثير من المشكلات الدولية عبر دفع بلايين الدولارات للمساهمة في اعمال إنسانية. البعد الإسلامي عنصر أساس في تشكيل صورة السعودية دوليا، فهناك اكثر من مليار مسلم في العالم ينظرون الى السعودية كدولة تحتضن مقدساتهم لذلك تحظى السعودية باهتمام اكثر من مليار مسلم في العالم، واعتقد ان العالم كله بما فيه الولاياتالمتحدة يدركون بشكل جلي ما معنى ان تحظى دولة مثل السعودية باهتمام اكثر من مليار انسان من المسملين، هذه السمة التاريخية أسهمت في ان أصبحت السعودية لاعبا رئيسا سياسيا واقتصاديا وثقافيا في صناعة اتجاهات مليار مسلم حول العالم وهذا ما يمنحها التفوق الدولي كونها مرتكزا مباشرا لتلك الكتل الإسلامية حول العالم وينظر اليها كدولة قيادية في هذا الاتجاه. هذه السمات الأساسية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية ليست كل شيء ولكنها الأبرز لان هناك أدوارا وسمات وخصائص لا يمكن تجاوزها حول السعودية، وعندما نتحدث عن العلاقات السعودية الاميركية فنحن نتحدث عن قواعد دولية لا يحق لأحد المساس بها، واعتقد انه اذا كان للعالم من اركان تشكله فإن العلاقات الأميركية السعودية ركن أساس في العالم فيما يخص منطقة الشرق الأوسط الممول الرئيس للعالم اقتصاديا، ولعل كل ما حدث خلال السنوات الثماني الماضية من حكم الرئيس أوباما كانت تجربة سياسية تخص الإدراة الاميركية الحالية التي لم تستطع دفع الثمن من اجل المساس بعلاقاتها مع دول الخليج وتحديدا المملكة العربية السعودية مع انها حاولت ذلك من خلال مواقف سياسية متفاوتة. من المؤكد أن عقيدة أوباما حول الشرق الأوسط لم تكن ذات فاعلية كبيرة سياسياً بقدر ماكانت إعلامياً وهذا ما دعا الرئيس أوباما الى الحديث عنها بصراحة في الأشهر الأخيرة من عمر إدارته، كل مافعلته عقيدة أوباما انها أصبحت مادة إعلامية للصحافة الدولية لذلك انتقلت السياسة الأميركية بسبب هذه العقيدة في زمن أوباما من أروقة السياسة إلى صفحات الإعلام، وهذا ما يدعو إلى القول بأن الولاياتالمتحدة الأميركية في عهدها الجديد سوف تتوقف كثيراً من أجل صياغة مختلفة للعلاقات مع حلفائها في الشرق الأوسط وخاصة السعودية فالمنطقة في عهد أوباما حققت الكثير من التراجع ونشأت الكثير من الحروب والصراعات التي لم تكن لتحدث لو التزمت الولاياتالمتحدة بإستراتيجياتها وسياساتها التاريخية. نقلا عن الرياض [email protected]