لا يوجد بلد في العالم لا يوجد فيه نوع من أنواع البطالة (أخفها البطالة الاحتكاكية أي الفترة التي يقضيها العمال في الانتقال من عمل الى عمل آخر). لكن بعض أعضاء مجلس الشورى – عافاهم الله – يعيشون في عالم طوباوي (الفردوس الوهمي) فيقولون: المملكة لا يوجد فيها بطالة. البطالة أنواع وليست جميعها على نفس المستوى من الضرر ولكن البطالة لدينا – كما سنوضّح ادناه –هي أشرس واشد أنواع البطالة ضررا. فالبطالة في الدول المتقدمة تشبه مياه بركة السباحة المتجددة اوتوماتيكيا باستمرار، حيث يدخلها مجموعة من العمال ويغادرها مجموعة أخرى خلال نفس الفترة، فعندما يقال ان نسبة البطالة هذه السنة بقيت كما كانت عليه في السنة الماضية عند 6 % مثلا، فهذا لا يعني بان العاطلين في السنة الماضية هم نفس العاطلين في هذه السنة بل هم عمال آخرون رغم ان نسبة البطالة لم تتغيّر. لذا فإن العاطلين لا يشكلون خطرا على المجتمع لأن فترة بقائهم عاطلين قصيرة يتقاضون خلالها بدل البطالة ثم يخرجون الى اعمال جديدة فلا يشعرون بالحقد على مجتمعاتهم. أما البطالة في بعض الدول النامية (مثل البطالة لدينا) فهي بطالة راكدة يبقى العاطلون عاطلين الى ان ييأسوا من الحصول على الوظيفة فيغادرون نهائيا سوق العمل، فعندما يقال ان معدل البطالة لدينا هذه السنة بقيي كما كان عليه السنة الماضية 12 % مثلا فهذا لا يعني ان الذين وجدوا اعمالا يتساوون مع الداخلين الجدد الى سوق العمل بل لان معظم العاطلين القدامى اصابهم اليأس فلم يعاودوا البحث عن العمل فاستبعدتهم مصلحة الإحصاءات من التعداد كأنهم لا وجود لهم، بينما الله يعلم أي طريق خفي سيسلكون لتأمين معيشتهم، وحتما سيحقدون على مجتمعاتهم لإحساسهم بالظلم ويصبحون عرضة لأن يقعوا في حبائل المتآمرين على أمن الوطن. قد يكون الغرض من نفي وجود البطالة في المملكة بحسن نيّة (او بالأحرى الغفلة) لاعتقاد أعضاء لجنة دراسة البطالة بأنهم يحسّنون صورة المملكة بإنكارهم انها تعاني من البطالة لمواطنيها في الوقت الذي تفتح أبوابها للعاطلين في العالم. لكن لقد غاب عن ذهن اللجنة بان تقريرهم يرتكب جريمة في حق الشباب وحق المجتمع لأنه: أولا عندما ينكر التقرير وجود البطالة في الوقت الذي يتزايد عدد العاطلين (الجامعيين وغيرهم) الذين فقدوا الامل في الحصول على وظيفة فغادروا سوق العمل يملأ نفوسهم الشعور بالقهر ليصبحوا كالقنبلة لو لم يتداركها حافز واخوانه (كمسكّنات مؤقتة) لربما انفجرت. وثانيا يروج التقرير لمقولة أصحاب المصالح بان الشباب السعودي "أشخاص لا يتقبلون العمل وغير مؤهلين" فينفي جدوى الجهود التي تبذلها الدولة لتعليم وتدريب المواطنين لأنه ما فائدة بذل الأموال الطائلة على تعليم وتدريب شباب "لا يقبلون العمل". يقول أحد أعضاء مجلس الشورى: "لا اعلم ما إذا كان التقرير تم اعداده على يد سعوديين ام اشخاص من جنسيات أخرى" (جريدة الوطن الأربعاء 11 / 12 / 2013). اذن احتمال كبير ان التقرير تم اعداده بالتعاقد من الباطن (لعدم تخصص اللجنة المكلفة بالدراسة) مع أحد مكاتب أبو ريالين لإعداد البحوث الجامعية. نصيحتي لمجلس الشورى تخيروا أعضاء لجانكم فتقاريركم مرآة يرى فيها المواطنون والاعلام الأجنبي أي نوع من الشيوخ تحت القبة. نقلا عن الرياض