عندما قامت الوحدة بين سورية ومصر، جندت إسرائيل جميع قواها لإسقاطها، واعتبارها خطراً وجودياً عليها، لأن البلدين كانا في حالة حرب معها، ويعني ذلك دمج الإمكانات المادية والعسكرية لهما في مواجهتها. في موقف مشابه أصيبت إيران بهستيريا سياسية، ودينية، وأمنية، لمجرد أن طرح فكرة اتحاد خليجي تكون نواته قيام البحرين والمملكة بأولى خطواته، لم تكتف بالتصريحات والمظاهرات وتجييش الشعب تجاه هذا العمل، بل صرح أحد أكبر مسؤوليها بأن البحرين المحافظة الرابعة عشرة، وهي تكرار لما سبق أن قاله الشاه والخميني ثم وارثو سلطتهما. إيران تبحث عن أي سلوك يوحد شعبها تجاه أي موقف، لأن شعورها بأن القوميات غير الفارسية التي بدأت بالتململ وأحد أحداثها هتاف الجماهير البلوشية في احدى مباريات كرة القدم «الخليج عربي» ومطالب أذربيجان بالإقليم الذي استولت عليه وعزلت شعبه، ورفضت مساواته بالفرس، وحالات المد والجزر بالإقليم العربي على الضفة الغربية من الخليج، والحرب الدائرة مع الأكراد، كل هذه جعلتها تستغل أي حادثة لإشعار الإيرانيين بالمخاطر التي تحاصرهم، وقطعاً يأتي اتحاد الخليج العربي كإحدى الصور المفزعة لها. كنا نتمنى من إدراك المعارضين، أو أصحاب الشكوك بجدوى الاتحاد أن يقرأوا رد الفعل الإيراني والذي طالما تحدث عن خليج فارس أعطاها الحق أن تستولي على جزر الإمارات وتهدد الكويت والبحرين وتحرك فصائل لزعزعة الأمن، وأن هذا الاتحاد، لو افترض نجاحه، سيكون المعادل الإستراتيجي العسكري والمادي والجغرافي. هناك حوارات سرية مع إيران تريد عقد صفقات بين أمريكا ودول أوروبا، وربما بمشاركة روسيا، أن تنزع عنها المقاطعة، مقابل رفع يدها عن سورية، والضغط على إسرائيل اعتماد عدم ضربها لمنشآتها النووية، لأنها تشعر أن الحليف السوري، كان الاحتياطي العسكري مع حزب الله في حال نشوب أي هجمات عسكرية متبادلة لفتح جبهة البلدين للتخفيف عنها، وفي عالم المصالح كل شيء قابل للاتفاق وإسرائيل لن تكون خارج هذه الاتفاقات، على الأقل الاعتراف بأن الجولان جزء منها. دول الخليج عليها أن تفهم أن إيران لن تجعلهم في حالة سلم، بل وربما باتفاق مع أطراف دولية تعلن عداءها لهم بالعلن وتصادقهم بالسر، والهدف هنا رفع معدلات التسلح في إرهاق ميزانيات دول الخليج لصالح تلك الدول، وهي جزء من معادلات تجري حتى بين الأعداء، وبالتالي إذا كان الاتحاد يفرض وجوده من خلال أمن دول الخليج العربي، وله الأهمية الأولى، فإن علينا من خلال ارتفاع نبض القلب الإيراني، أن نعرف قيمة هذا الاتحاد وضروراته. الصراع مع إيران لن يتغير ببقاء الملالي وحرسهم، واختفائهم، لأن العرب معادل تاريخي موضوع ضمن العداء الثابت حتى أن مناهج المدارس، والمنشورات والكتب التي تصدر من جهات حكومية أو أهلية، طافحة بالعداء، لأن عقدة استيلاء العرب عليها ونشر الإسلام كانت المرحلة السوداء في تاريخهم، وهذه القناعة لا تزال تتداولها الهيئات العامة حتى أصبحت لازمة ثابتة حتى عند العامة، وهذه الصورة وحدها تقنعنا بحقيقة نوايا إيران وما تخطط له. نقلا عن الرياض