بعد طول انتظار .. بعد احتضان الآمال ... وبعد طول المسير في رحلة شقاء أدمت أقدامهم وأنهكت قواهم....وبعد أحلام أفترش فيها الحالمون زهور الأمنيات على رصيف الأيام في انتظار اليوم الموعود الذي يروى فيه الظمآن من عطش سنين الانتظار وقوفاً على حافة الينابيع والأنهار ... فبرغم المطر وبرغم الماء وابتلال الثياب احترقت الشفاه فلم تقف عليها قطرة من رذاذ أو هتان. إنهم المتجنسون أبناء السعوديات ..أمهاتنا ... أخواتنا ... خالاتنا ... عماتنا... بناتنا ....هنّ حيث يقمن في أسرهن قلوب ممزقة وأرواح مبعثرة تشتت بفعل رياح التغيير والتعديل على نظام التجنس والتجنيس وما أحدثه فيهن وفي أبنائهن من اغتيال للآمال والأمنيات فتبددت الأحلام و ذهبت أدراج الرياح مثلما كان يذهب قوتهن مصروفاً للمواصلات الى فروع الأحوال المدنية وبالمثل تحمل أعباء رسوم تجديد رخص الإقامات والتأشيرات لأبنائهن وبناتهن . في بيت الواحدة منهن نموذج مصغر لجامعة الدول العربية , هذا سعودي وذاك أجنبي و تلك مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء أين هو إذن النسيج الإجتماعي الواحد والموحد ؟ أين هي التسهيلات لأبناء و بنات المواطنات السعوديات والتي صدحت بها وسائل الإعلام قبيل صدور التعديلات الأخيرة على نص المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لنظام الجنسية ؟ حيث كان قبل صدورها معاملات مستوفية جميع الشروط على النظام السابق ولم يتبقى عليها سوى توقيع القرار بمنح الجنسية , وكان من المنطق والموضوعية أن يكون الحد الأدنى لمجموع النقاط باستثناء البند الثالث الذي يشترط سعودية الجد يساوي (7نقاط) ويكون الشرط السابق مكملاً للشروط الأخرى لأن هناك من توفي (أي : الجد) قبل حصوله على حفيظة النفوس وهناك من حصل عليها ولم تسجل بالحاسب الآلي وأخفيت تفاصيلها بمرور وتقادم الزمن مثلما توارى صاحبها في الثرى على الرغم من سعوديتة أصلاً ومنشأً وولادة , وهنا تكمن استحالة حصول صاحب الطلب على سبع نقاط كحد أدنى , وأكاد أجزم أن هذه المفارقات الغريبة والعجيبة في تلك الشروط لم يكن الهدف منها سوى تنظيم التجنيس وحماية الوطن من الآثار السلبية لزواج السعوديين والسعوديات من أجانب وتوجيه الشباب الى الزواج من السعوديات لو أنه اختص بالطلبات والمعاملات التالية لتاريخ صدور القرار مع تطبيق النظام القديم على المعاملات السابقة . وأنا على يقين تام بأن ذلك ضد توجهات وتوجيهات ولاة الأمر المتمثلة بتسهيل بعض الإجراءات والشروط والضوابط غير أن اللجان المختصة بدراسة تلك التنظيمات أجتهدت ولم توفق في دراسة الموضوع من جميع الجوانب و لم تأخذ بعين الإعتبار أن ابن السعودية حتى لو لم يمنح الجنسية سيبقى أيضا في بلاد الحرمين حيث ولادته ونشأته وسيدفن في ترابها غير أن ولائه وإخلاصه للوطن لن يكون بنفس الدرجة عندما كان يحمل فكراً وطنياً خالصاً وولاءً فطرياً صادقاً حينما ذهب لأول مرة لأحد فروع الأحوال المدنية متقدماً بطلبه الحصول على الجنسية السعودية , وهنا مكمن الخطر إذ فتحت علينا ثغرة بل ثغرات خطيرة على نظامنا وأمننا نحن في غنى عنها , إذ ستزرع بذور الحقد والضغينة والكراهية لتحل محل الوطنية والولاء للوطن والمليك ناهيك عما يمكن أن تزرعه الزوجة الأجنبية - التي تم زواجها بموافقة رسمية صريحة وحرمت من الجنسية - في نفوس وعقول صغارها من مبادئ منافية لحب هذا الوطن والحب والولاء والطاعة لولاة الأمر. ولا أعلم الى متى ستبقى بعض اللجان لدينا بمثل تلك النظرة القاصرة فإن أوكل لها تقدير أو تثمين تعويضاً عن ضرر ما قللت من الثمن , وإن أستأنس برأيها مارت وداهنت , وإن كلفت بدراسة أمر من أمور حياتنا أو حقاً من الحقوق أو ارتبط مصير شريحة أو فئة منا بما تصدره من قرارات أو توصيات ضيقت وصادرت حقوق أخرى ! ولكن ! صبراً أيتها الحائرات , صبرا أيها البائسون (إن رحمة الله قريب من المحسنين ) كونوا وكنّ من المحسنين الذين يشكرون ولا يجحدون فيكفرون بما أنعم الله به علينا وعليكم من نعمة الأمن والاستقرار وثقوا بأن الله مع الصابرين وبأن ولاة أمرنا أرحم بنا وبكم من رحمة بعضنا لبعض وأنهم حريصون أشد الحرص على ألاّ ينتقص من آدمية أو كرامة كائن من كان على ثرى هذه الأرض الطاهرة الطيبة المقدسة مقيماً كان أم ساكنًا , زائراً أم مستجيرا ويكفي أنهم تجردوا من الألقاب واختاروا لأنفسهم وارتضوا بلقب خدام الحرمين الشريفين وبرضي الله عنهم أرضانا بهم وليبقى الولاء للوطن قوياً شامخاً متجدداً مع إشراقه شمس كل فجر جديد ولتبقى البيعة لولاة أمرنا خالصة لا يشوبها شائبة نقية صادقة متجددة مع كل نبضة قلب لتبقى الأفئدة مفعمة بالحب والأمل لتستقبل البشارة وتتهيأ للفرح في قادم الأيام بإذن الله العزيز الحكيم .