بدا لي وأنا أطالع تصنيف (الفيفا) عن شهر ديسمبر الجاري والذي حلّ فيه منتخبنا الوطني في المركز ال81 أن العام 2010 لم يشأ أن يغادر قبل أن يزيد همومنا هماً جديداً، إذ لم يكتف بوضع منتخبنا في مدرج المتفرجين في مونديال جنوب أفريقيا، ولم ترحه خسارة أنديتنا الأربعة في دوري أبطال آسيا، ولم تشبع نهمه خسارتنا ل(خليجي 20)، حتى أكمل الناقص برمينا بعيداً جداً في التصنيف العالمي. صحيح أنها ليست المرة الأولى الذي نقبع في هذا الترتيب المخجل، فقد زرناه قسراً قبل أربعة أعوام؛ لكن إن كان ذلك التصنيف قد حدث في غفلة من اتحاد الكرة، الذي لم يعلم حينها بالمتغيرات التي طرأت على آليات التصنيف، فما العذر اليوم ونحن نملك فريقاً كاملاً من خبراء أجانب ومحليين جُيشوا بهدف تطوير المنتخبات الوطنية؟!. بماذا عسانا أن نتعذر هذه المرة، وقد أسقط في أيدينا أن منتخبات عربية وأخرى آسيوية كانت تتخلف عنّا، فأصبحت تتقدم علينا وبأشواط طويلة، وليس أدل على ذلك من مصر التي أصبحت تحتل المركز التاسع عالمياً متجاوزة إيطاليا بتاريخها، وفرنسا بنجومها، ومنتخبات أخرى عريقة في شرق الأرض وغربها. أما آسيويا فيكفي أننا بتنا قابعين في المركز الخامس، بعد أن كنا يوماً في الطليعة. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا نتأخر في تصنيف (الفيفا)؟ هل لخسارتنا للبطولات التي نشارك فيها فقط؟، أو لعدم تأهلنا لكأس العالم؟، أو لضعف المباريات الودية التي نخوضها؟، والجواب أن كل ذلك سبب، ومعه أسباب أخرى يبدو جلياً أن إدارة المنتخب لا تراعيها أبداً، أو أنها لا تعرف عنها شيئاً، وهي التي تتعلق بطريقة احتساب نقاط التصنيف. إن آلية التنصيف التي يعتمدها (الفيفا) هي أشبه ما تكون بمعادلة رياضية دقيقة، لا يمكن لأي اتحاد كروي يسعى لوضع منتخبه في وضعية جيدة في التصنيف أن يغفلها، وهي التي تقوم على عدة معامل، وهي نتيجة المباراة، إذ ليس الفوز كالخسارة، ووضعها، فليست بطولة الخليج ككأس العالم، ووزنها، فثمة فرق بين اتحاد قاري وآخر، وقوة الفريق المنافس، فليس اللعب مع منتخب لبنان –مثلا- كاللعب مع منتخب الأرجنتين، وفي كل ذلك تفاصيل أكثر دقة، لا أعتقد أن منتخبنا يراعيها، وإلا لما وجد نفسه في هذا المركز المتأخر. ويخطئ الكثيرون إن ظنوا أن مجرد الغياب عن كأس العالم، أو خسارة كأس الخليج، سبب في خسارة المنتخب ل 13 مركزاً في قائمة التصنيف، وإلا لما تقدمت مصر وليبيا، وهما اللتان لم تشاركا في المونديال، في وقت تأخرت الجزائر وكوريا الشمالية، وهما اللتان حضرتا فيه، والأخيرة تتأخر في التصنيف عن 10 منتخبات آسيوية جميعها لم تشارك في كأس العالم، حيث تحتل المركز 108. ثمة أمر مهم يجب أن يراعى في الأمر، وهو فترة حساب نقاط التصنيف، فقوة النقاط المحتسبة تتمثل أكثر في العام نفسه بحسابها بنسبة 100%، وتتناقص النسبة عام بعد آخر؛ بدليل أن منتخبنا قفز في أغسطس 2007 عشرة مراكز بعد نتائجه المتميزة في كأس آسيا التي حل فيها وصيفاً للعراق، وتراجعه الحالي يعود لتلاشي النسبة. وفق هذا الواقع سنظل نتأخر في التصنيف طالما لم نتعاط معه باحترافية؛ وطالما ركنا أمورنا لإداريين هواة، ومدربين جبناء، وهو التأخر الذي سيضر بتاريخنا وسمعتنا واستثماراتنا، وقبل ذلك بحظوظ لاعبينا في وضع أقدامهم على طريق الاحتراف الخارجي. نقلا عن الرياض