ناصر آل عثمان يسعى المرء خلف مطامعه الشخصية، فإن كان ذا ضمير تراجع عن بعضها مخافة إلحاق الضررٍ بآخرين، هذا في عالم البشر الأسوياء، أمّا في عالم السياسة فإن هذه القاعدة قد تم كسرها.. وإن الدماء والأرواح والممتلكات هي من أبسط الضحايا التي يحصدها الطمع في إثبات الوجود والسعي خلف سراب الدنيا وما عليها. في عهد الهدوء والصمت كان لبعض الدعاة خطابٌ مُطلق في طاعة الأولياء ما لم يأمروا بمعصية.. ومع ربيع العرب انكشف الغطاء عن تلون الخطابات، كان من شأن بعضها إثارة العواطف تارة، وكسبها تارةً أخرى، كان هذا واضحاً في بعض الأقاليم والدول، وكان تنوع الخطاب معتمداً على المصالح السياسية ودسائسها إلا ما شاء الله.. مَن يُحسن صُنعاً لهؤلاء فيُعيدهم إلى سبيل الرشاد، حتى يجتمع الناس على الحق والرأي الصواب! من جماليات الفطرة أنها تنطق بالحق وتقول الصواب إذا سَلِمت مِن التزييف، ومَن رزقه الله سلامة السجية حَفِظَه مِن السخيمة، وكان كالطبيب لمرضى الخيبة، وعاش مع نفسه حياةً طيبة، وقد لقيت في حياتي مَن ينطق بالكلمات فتقع على الجروح كالبلسم والدواء، ولقيت أيضاً في حياتي مَن ينغص العيش ويقطع الأمل ويتلف روعة الحياة، فكان لوجود الأول على ظهر الأرض مشروعٌ ينشر الأمل بين البشر، وكان للآخر البعيد مشروعٌ يجعل مِن السعادةِ كآبة ومِن النعيم جحيماً. «ربك كريم».. قالها صديق لي بعفويةٍ عارمة، عندما رأى الخيبة تستوطن مساحات الأمل في داخلي، فإذا بكلماتهِ تزلزل جحافل القنوط، وإذا بها تفتح لي أبواب الخير، وتأخذ بيدي إلى فضاءات العطاء، قالها وكأنه يقول: «بعد العسر يسر، وبعد الظلام نور، وبعد الضيق فرج، وبعد الحزن فرح، وبعد الحرمان جود». إنه يقول بطريقةٍ أخرى ليس هناك أسوأ من الخيبة بعد الأمل، فقلت في نفسي وليس هناك أجمل ولا أروع مِن أولئك الذين ينشرون الرحمة بين البشر، عبر كلمات الود واللطف وانتظار الفرج مِن «ربٍ كريم». وأفوض أمري إلى الله.. فلا شأن لي بضيق الحاجة.. ولا اهتمام لي بارتفاع الأسعار.. ولا أمر لي في قضاء الواحد القهار.. إنني آمنت بأن الأمر كله لله.. يفعل ما يشاء، وأنا عبدٌ فقير ليس لي مِن الأمر شيء! وإنني – يا ربّ – بما آتيتني من خيرٍ فقير.