دخيل البحيري من داخل القلب الممتلئ حسرةً وألمًا تخرج الحروف مرسلةً إلى وزير التعليم العالي لعله يستقبلها بصدرٍ رحب، فقد خرجت عنوةً بعد أن آلمها الكتمان، وهذه الحروف الممتدة إلى كلمات هي ذات الحروف التي أوجعت قلوبًا كثيرةً تقطن على تراب الوطن الغالي. وهذه القلوب تلهج بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين على ما أولاه من اهتمامات كبيرة بسلك التعليم العالي، وكلنا ندرك النهضة التعليمية التي تشهدها الجامعات السعودية في عصره، كما أننا نعي حرصه الشديد على توفير التعليم العالي لشباب وفتيات الوطن في أماكن معيشتهم. كذلك نقرّ بتحرك وزارة التعليم العالي نحو التوسع والامتداد ولكنه امتدادٌ بطيءٌ وقد خلطهُ نزرٌ من العشوائية، ولذلك حُرِمتْ منه محافظاتٌ ومراكزُ لم يكن لها أن تُحرم. ومن تلك المحافظات محافظة العرضيات ذات الكثافة السكانية الهائلة، وذات الموقع الجغرافي المناسب، وهي تتبع إداريًا إمارة منطقة مكةالمكرمة، وبالتالي مازالتْ مغيبةً كليًّا من خارطةِ وزارة التعليم العالي، على الرغم من توافر الشروط التي تؤهّلُها لأنْ تكونَ مقرًّا لكليات البنين والبنات. باختصار يا معالي الوزير: بنات العرضيات يحتجن إلى كليات؛ لأنهنّ يخاطرن بأنفسهن غدوًا ورواحًا لأجل طلب العلم، حيث يستيقظن قبيل الفجر ليذهبن إلى محافظة المخواة التابعة لمنطقة الباحة ويعدن بُعيد العصر، ومابين الزمنين يبتهل الوالدان إلى ربهما بأن يعيدهن غانمات سالمات,، وتتكرر الحال المؤسفة من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وليتك تعلم معالي الوزير عن خطر الطريق الذي يسلكنه هؤلاء الطالبات لقمتَ مبادرًا كما تفعلُ وزارتكم بعد كل مأساة تحدث في شتى بقاع الوطن، وما حدث في بقعاء الشمال ليس عن الأذهان ببعيد. نحن يا معالي الوزير نخبركم بالمأساة قبل أن تقع,، مع تناسينا وتغاضينا لما حدث سالفًا؛ لكيلا نضع وزارتكم في موقف محرج أمام وسائل الإعلام، يتندر بها الآخرون؛ لكونها لا تتحرك إلا بعد المآسي. معالي الوزير لو أردنا أن نحصي حوادث الطريقِ لوجدناها تندُّ عن الحصر، ولو أردنا أن نحصي عدد الطالبات اللواتي يدرسن خارج المحافظة لألفيناهن أكثر عددًا من الطالبات في كثير من المحافظات التي حظيت بالتعليم العالي منذ أزمانٍ خلتْ. معالي الوزير: أخرجتُ هذه الحروف لأننا نعيش المأساة بحذافيرها، فحال الطالبات في محافظة العرضيات يختلف عن حال الطالبات في المحافظات الأخرى ولن نقول المناطق أو المدن. فطالبات العرضيات يفتقدن عوامل كثيرة تؤثر بالسلب على دراستهن، وأشدها ضرراً العامل النفسي كذلك المادي، فهنّ لا ينعمن براحة بال، ولا يتوفر لديهن وقتٌ كافٍ للمذاكرة والمراجعة، كما أنهنّ لا ينعمن بمكافآتهن كما ينعمن الأخريات، حيث يذهب نصفها للسائق والنصف الآخر تلتهمه متطلبات الكلية.