هل تصدقون أن كلفة إيصال التيار الكهربائي لمنزل متواضع قد تصل إلى أكثر من (60) ألف ريال؟. قد يبدو كلامي هذا مستغرباً لدى كثيرين، أو مبالغاً فيه، وحتى من تحدثت معهم من موظفي شركة الكهرباء ممن لم يقرأوا خبر زيادة الأسعار لم يصدقوا ذلك، لكنها حقيقة بعد أن أقرت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج رفع أسعار توصيل خدمة الكهرباء للمواطنين بنهاية العام المالي الحالي. ولكي تتضح الصورة نفترض أن مواطناً يرغب حالياً (قبل الزيادة) في إيصال التيار الكهربائي لمنزله المكون من دورين منفصلين وملحق، فسيكون ملزماً بدفع مبلغ 5700 ريال لعداد الدور الأول (سعة 150 أمبيرا)، و5700 ريال لعداد الدور الثاني (سعة 150 أمبيرا)، و1380 ريالا لعداد الملحق (سعة 60 أمبيرا)، و690 ريالا لعداد السور (سعة 30 أمبيرا)، إذا احتاج ذلك، وبالتالي يصبح المبلغ الإجمالي المطلوب منه 13470 ريالا. هل تتخيلون أن هذا المبلغ سيتضاعف إلى 60700 ريال بنهاية العام المالي الحالي، أي بزيادة تتجاوز %350 حيث ستصبح رسوم العداد (سعة 150 أمبيرا) حوالي 26600 ريال بدلاً من (5700 ريال)، و(سعة 60 أمبيرا) 5700 ريال بدلاً من (1380 ريالا)، و(سعة 30 أمبيرا) 1800 ريال بدلاً من (690 ريالا). بالطبع، هذه ليست الزيادة الأولى، بل الثانية خلال أقل من خمسة أعوام، رغم تحديد تعرفة الكهرباء من قبل مجلس الوزراء، وقد انتقد عديد من المتخصصين ورجال الأعمال والإعلاميين، هذه الزيادة لما لها من ضرر واضح على مصالح المواطنين، وكذلك القطاعات التجارية والصناعية، ثم لو سلمنا بأحقية هيئة تنظيم الكهرباء في زيادة الرسوم فهل يعقل أن تكون الزيادة بهذه النسبة الكبيرة دون تدرج؟! ختاماً أقول: حتى المعادن الثمينة التي تعتبر الملاذ الآمن للمستثمرين عند الأزمات، لا ترتفع اعتباطاً ولا فجأة، بل تدريجياً وتبعاً للظروف والتغيرات، مثلما حصل لأسعار الذهب بعد الأزمة المالية العالمية في العام 2008، الذي بدأ في الارتفاع تدريجياً من حوالي (850 دولارا) للأوقية، حتى سجل ارتفاعات غير مسبوقة في العام الحالي تجاوز فيها سعر الأوقية (1920 دولارا).. لذلك أقول لهيئة تنظيم الكهرباء: سيَقبل المواطنون بتسعيرتكم الجديدة شريطة إدخال الذهب ولو بنسب بسيطة في صناعة العدادات، بدلاً من البلاستيك، ليتناسب ما يتم دفعه من مال مع السلعة التي سيتم الحصول عليها، حيث إن (60) ألف ريال تعادل قيمة نصف كيلو من الذهب عيار 24، بأسعار ،2008 وربع كيلو بالأسعار الحالية.. ودمتم.