إن مطالبة عدد من أفراد المجتمع بإغلاق القنوات الفضائية التي تثير النزعة القبلية وإثارة الفتنة الطائفية والتحريض والمس بأمن الوطن دليل على الوعي الذي وصلت إليه تلك العقليات، يأتي ذلك تزامنا مع قرار وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي صرّح بقوله: «إن أي شيء يدعو للتفرقة لن نقبل به وسنضطر لإقفال القناة». ليس هناك تقييد لحرية الإعلام حينما تصدر مثل هذه القرارات التي تؤكد على ذهنية القائمين على الخطاب الإعلامي من منطلق الحرص على ألا تبث هذه القنوات سمومها في فكر الأفراد وبالتالي تنمو هذه الأفكار وتتشعب والمتضرر الأكبر هو الوطن وثقافته. لا بأس أن تنخرط مثل هذه القنوات في الفكر والدين ذلك أن الاختلاف في الرأي أمر مطلوب لأنه سيولد حتمية الحقيقة والتثقيف وإنارة العقل بشرط أن تكون بعيدة عن الإساءات المتكررة والمتعمدة إلى طائفة أو إلى دين أو إلى فكر مغاير. ويكمن هنا مسار التصحيح لهذه القنوات على اعتبار أنها قنوات لا تضيف فكراً أو ثقافة أو قيمة دينية للمشاهد العربي بل تدعو إلى الانقسام بين طوائف المجتمع وذلك بتصحيح العقليات التي تقدم تلك البرامج وتشرف عليها وتبنّي توجهها السليم بعقد الندوات التثقيفية والدورات التدريبية التي تؤكد احترام المشاهد وتؤسس لفكر إعلامي محترف وبالتالي نستطيع أن نؤسس لمرحلة إعلامية قادمة تنطلق من المؤسسة الإعلامية كجهة إشرافية عامة والتي سيكون آخر حل لها هو إغلاق هذه القنوات وقطع كل أجندة تقوم بإمدادها.