الكتابة مثل الحب، (ممارستها) نور وفن وابتكار. ما إن ينزع القلم غطاءه (كاشفاً) عن رأسه حتى تبدأ الورقة تصدر (مواء) مبحوحاً متثاقلاً كقطة جائعة. (تهتز) الورقة مثل (شال) امرأة تفلت من شاعرها، وتسحب نفسها من تحت القلم عنوة لتمضي إلى زاوية ضيقة من الغرفة، تقرفص… تموء وتقول كلاماً غاضباً يقطِّعه نحيب متشنج: لا أريد هذا الكلام، كيف تحك لي ظهري بالكلام السعيد الذي لا يمكنه أن يهدئ من لوعتي. فلتسكب في كأس رغبتي مآسي الناس، جمر حرائقهم وأحزانهم، هذا هو ما يريحني، أن تبدد كل شقاء الحياة وتعاسة العالم في سلتي الواسعة كي أتدفأ قليلاً وأغيظ هذا البرد، وكيما يغفو توت أنوثتي على ورد سياجك. إني أريد الصدق وليس الكذب، أريد أن تُسكِت هذا الأنين الذي يمزقني وينثرني آهَةً آهةً في مهب الخيال العليل…! ماذا فعل الإنسان بالعالم؟ ما الذي صنعه خليفة الله بالأرض؟ وما الذي صنعه بنفسه؟… لم يعد للإنسان أية قيمة تذكر، صغيرة كانت أم كبيرة. لقد أضحى الإنسان، هنا، أرخص الأشياء وأتفهها وأحطها على الإطلاق. من الذي جنى على الإنسان يا ترى؟ أليس هو الإنسان ذاته من جنى على نفسه؟ بعدوانيته وجشعه وظلمه وحماقته وطمعه وغطرسته ووهمه وطغيانه و(كفره) وجبروته وأنانيته… فمن ينقذ العالم والأرض من الإنسان؟ من ينقذ الإنسان من الإنسان من يخلص الإنسان من نفسه؟