أثار تقدم كتلة النهضة الإسلامية في المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) بمشروع قانون يستهدف إبعاد الفاعلين في النظام السابق عن الحياة السياسية لمدة عشر سنوات ردود أفعالٍ واسعة، ففيما اعتبره البعض وسيلةً لحماية الثورة رأى فيه آخرون محاولة لإبعاد حزب نداء تونس، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي، عن المشهد. من جانبه، قال رئيس كتلة النهضة في «التأسيسي»، الصحبي عتيق، إن مشروع القانون «موجَّه ضد من قامت الثورة عليهم»، معتبرا أن «كل الثورات تحمي نفسها وهناك ثورات حمت نفسها دمويا لكن الثورة التونسية لم تقم بتصفيات جسدية و كانت سلمية». في السياق ذاته، اعتبر النائب عن كتلة الكرامة والحرية، مبروك الحريزي، أن هذا القانون يحصن الثورة من إحياء الفساد، واصفا هذه المبادرة ب «الجريئة». كما قال النائب عن كتلة حزب التكتل أحد شركاء حركة النهضة في الحكم، فيصل الجدلاوي، إنه يجب اتخاذ قرارات ثورية، مضيفا «نحن بصدد تأسيس هيئات سياسية وينبغي أن نصدر قانونا حمائيا من الناس الذين طردهم الشعب». وكان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية تقدم في الصيف الماضي بمشروع قانون مشابه يهدف إلى إقصاء كل من تحمل مسؤوليات حزبية أو حكومية في عهد نظام زين العابدين بن علي من العمل السياسي لمدة خمس سنوات. والجديد في مشروع القانون الذي قدمته حركة النهضة هو أن مدة الإقصاء زادت لتصل إلى عشر سنوات مع إدخال كل شخصية عامة ناشدت الرئيس السابق الترشح للرئاسة في دائرة الذين ينطبق عليهم القانون، مع حصر الفترة بين 2 إبريل 1989 و 14 يناير 2011. ويقول معارضون ونشطاء سياسيون في تونس إن حركة النهضة لم تفكر بهذا القانون إلا بعد أن ظهر حزب نداء تونس بزعامة رئيس الوزراء السابق الباجي قايد سبسي الذي استطاع أن يستقطب فئات كبيرة وواسعة من الشعب التونسي بل وأن يصبح رقما صعبا في المعادلة السياسية في البلاد، وهو المحسوب على «التيار الدستوري» الذي يعتبر حزب التجمع المنحل (حزب الرئيس السابق) امتدادا له، ويقول هؤلاء إن النهضة نفسها استعانت بشخصيات وكوادر من حزب التجمع المنحل وعينت البعض منهم على رأس أكبر المؤسسات التونسية كالبنك المركزي. ووصلت حدة التوتر بين حركتي النهضة ونداء تونس إلى ذروتها مع مقتل منسق حركة نداء تونس في مدينة تطاوينجنوب البلاد، وهو ما اعتبرته عدة أحزاب «اغتيالا سياسيا». إلا أن مراقبين يرون أن حدة الصراع بين الطرفين أخذت في الانحسار تدريجيا مع تخفيف حدة التصريحات من الحزبين ونقل الصراع إلى ميدان القانون و القضاء وحصره في داخل المجلس التأسيسي خوفا من تداعيات الصدام المباشر في الشارع. يأتي ذلك فيما أعلنت منظمة نقابية بتونس إضرابا عاما في كامل محافظة سليانة غدا الثلاثاء للمطالبة برحيل المحافظ والإسراع في إطلاق برامج التنمية. وأعلن الاتحاد الجهوي للشغل التابع للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية بتونس، دخول سليانة (120 كلم غرب العاصمة تونس) في إضراب عام الثلاثاء. وتشهد المدينة احتجاجات انطلقت منذ الأربعاء من داخل مقر المحافظة حيث يطالب عدد من الأعوان ورؤساء المصالح بإقالة المحافظ أحمد الزين المحجوبي، ودخل بعضهم في اعتصام أمام المقر. وتدخلت قوات الأمن بالقوة الخميس للتصدي إلى التحرك الاحتجاجي وتفريق المعتصمين باستخدام مكثف للغاز المسيل ما أثار سخط الأهالي. ويتهم المحافظ المنظمة النقابية باستغلال مناوشات بين موظفي الولاية (مقر المحافظة) وتضخيمها وتأجيج الاحتجاجات بالجهة.