تذكر الفتى الفلسطيني خليل قزوح (13 عاماً) الظروف المزرية للمكان، عندما نظر إلى صورة التقطها لسيدة في منزلها المتداعي في مخيم شاتيلا (جنوببيروت)، قبل ترميمه، ولكنه سرعان ما أشار بفخر إلى الصورة الأخرى إلى جانبها، حيث تبدل كل شيء، وبات منزل السيدة “مرتباً ونظيفاً”. قزوح واحد من مجموعة أولاد يعيشون في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يعرض نتاج عدساتهم في معرض افتتح مساء الأربعاء في “مسرح المدينة” في بيروت، وحمل عنوان “واقعي في صورة”. ولكل صورة في هذا المعرض قصة معاناة وأمل، وشقاء وشقاوة، وهي تعبر عن التغيير في حياة فلسطينيي المخيمات بعدما أعيد تأهيل منازلها الآيلة للسقوط، وتحسين أوضاع مدارسها وظروف التعليم ومناهجه فيها، بفضل مشروعين نفذتهما وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (أونروا) بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وضم المعرض حوالى مائة صورة ملونة متعددة الأحجام، إضافة إلى عدد من الرسوم، وخصصت خمسون صورة لموضوع التعليم، فيما تمحورت خمسون صورة أخرى على المنازل قبل مرحلة إعادة ترميمها وبعدها. وستسعى “أونروا” إلى عرض هذه الصور في مناطق مختلفة من لبنان، وربما في دول أخرى، ومنها بلجيكا، لإظهار “الطاقات الإبداعية لدى الطفل الفلسطيني، رغم كونه يعيش ظروفاً مادية ونفسية صعبة”، على ما قالت مديرة العلاقات الإعلامية في مكتب “أونروا” في بيروت هدى السمرا. وأوضحت السمرا أن “هذا المعرض هو تتويج لمشروعين: الأول تعليمي، والثاني عن إعادة تأهيل المنازل الآيلة للسقوط في المخيمات من خلال عيون الأولاد”. وتابعت “نعمل منذ سبعة أعوام على تنفيذ المشروع التعليمي الممول من الاتحاد الأوروبي بقيمة 15 مليون يورو، وقمنا بموجبه بتحسين ظروف التعليم من ناحية المباني المدرسية وتخلصنا من نظام الدفعتين، وبنينا سبع مدارس جديدة، وقمنا بتحسين نوعية التعليم الذي يقدمه الأساتذة، وزدنا عدد الملاعب ليتمكن الأولاد من ممارسة نشاطات ترفيهية داخل المدرسة، وقدمنا دعماً للأولاد الذين يعانون صعوبات تعليمية ويحتاجون إلى دروس إضافية للتقوية”. وفي موازاة ذلك، قدم الاتحاد الأوروبي 12 مليون يورو لإعادة تأهيل المنازل الآيلة إلى السقوط، إضافة إلى تقديم بدلات سكن للنازحين من مخيم نهر البارد. وأرادت المنظمة الدولية “أن يكون التعبير عن هذين المشروعين من خلال عدسات الأولاد، ومن خلال عيونهم” على ما لفتت السمرا، فجمعت 250 طفلاً لتولي التصوير في الشق التعليمي و25 آخرين لالتقاط صور في شق إعادة تأهيل البيوت، وتولت تدريبهم على التصوير الفوتوغرافي المحترف جمعية تعنى بإقامة دورات تدريب وندوات حول فن التصوير، وتنظم معارض للصور الفوتوغرافية. وتراوحت أعمال الأطفال المشاركين في التدريب بين 12 وعشرين عاماً، وقد بدأ في مارس الماضي. وقال خليل قزوح، الذي تدرب على مدى ثمانية أشهر على التصوير، إنه عبر آلة التصوير، أبرز التغيير في حياة عائلات كثيرة في المخيمات الفلسطينية في لبنان. وأوضح أنه أحب هذه الهواية، ولكن لم يكن في مقدور والديه أن يشتريا له كاميرا. وتابع “هذا المشروع أتاح لي أن أتعلم التصوير، وأصور واقعي اليوم، وصرت أعرف أكثر قيمة الصورة التي توصل الفكرة”. وأوضحت المديرة العامة لوكالة “أونروا” آن ديسمورت خلال كلمة ألقتها قبل افتتاح المعرض أن “الصور مؤثرة جداً، وتحمل كثيراً من الدلالات، وتجسد بالفعل واقع الأطفال”. وأضافت “أن الصورة خير من ألف كلمة، ونرى بأم العين أن الأطفال الفلسطينيين في لبنان يستحقون العيش بكرامة وحياة آمنة وصحية والحصول على تعليم عالي النوعية”. وخلال تجولها في أرجاء المعرض قالت رئيسة بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان السفيرة أنجلينا إيخهورست “من المهم جداً أن نضع الشباب في محور نشاطاتنا. وهم عبروا عن احتياجاتهم في هذا المعرض، وعلينا أن نضع السياسات المناسبة على هذا الأساس”. وتابعت “إنها المرة الأولى نشاهد صوراً من وجهة نظر الأطفال تعكس ظروف الحياة وعدم التمتع بحق العيش الكريم”. وأضافت “عملنا مع الأممالمتحدة والسلطات اللبنانية ليكون لكل عائلة منزلها الخاص، وانتقل المخيم إلى مسرح المدينة عبر هذه الصور التي نرى من خلالها ونشعر كيف يعيش الناس في المخيمات”. وأشارت آمنة سليمان، وهي من منسوبي الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، إلى أن هذا لمشروع شمل المخيمات الفلسطينية ال11 في لبنان، ووصفته بالناجح “إذ ترك أثراً في نفوس الأولاد الذين كانوا يعانون عزلة أحياناً، أو بعض الإعاقات”. وأضافت “من خلال هذا المشروع تم تأمين فرص عمل للشباب ليتعلموا فن التصوير ويعملوا في هذا المجال، وسيساهم هذه المشروع في تأسيس استوديو للتصوير في أحد المخيمات”. وقبيل افتتاح المعرض، استمع الحضور إلى أغنية بعنوان “بدي عيش بكرامة”، أصدرتها “أونروا” في إطار مشروع “الكرامة للجميع”، وهي من كلمات الشاعر نزار فرنسيس، وتلحين الفلسطيني رواد رعد، وأنشدها نجم برنامج “سوبر ستار” الفلسطيني عمار حسن. أ ف ب | بيروت