أجمل ما في (حافز) أنه كشف أعداد البطالة كرقم وحسب شروطه التي وضعها وإلاّ ما خفي من الأرقام كان أعظم، وأجمل ما في أرقامه أنها قالت إن النطاقات الملوّنة لا تكفي لمعالجة الخلل، وها نحن نقارب على انتهاء السنة (الحافزيّة) ولا أحد يعلم غير الله سبحانه ما إذا كان (الحفز) سيمتد لعام آخر أم سيتوقف وينفض السّامر ويتركنا للأرقام التي أثبتت التجارب أكثر من مرّة أننا لا نحسن التعامل معها؟ أكثر العاطلين بالطبع هن العاطلات اللاتي استمر تجاهل أصواتهن لسنوات طويلة واستمر اتهام كل محاولة جديدة لخلق فرصة لعملهن بتهم بدأت تتساقط تباعاً، وهذا مؤشر يؤكد أن أزمة المرأة هي (أم الأزمات) التي يجب العمل الجاد على محاولة حلّها أولاً وقبل كل شيء. فالبيت لم يعد المكان الأوحد الصحيح لتقضي المرأة بقيّة عمرها فيه أمام هذه الأرقام المخيفة التي أطلّت من وراء الجدران! يجب التعامل مع القضيّة بكل أبعادها وبعيداً عن لغة الأرقام التي لا تفرّق بين ذكر وأنثى، وقرار وزارة العمل حمّال الأسيّة، الذي أخضعت فيه المنشآت الصغيرة جداً لتوظيف سعودي واحد على الأقل ليس حلاً بقدر ما هو ابتعاد عن المشكلة الكبرى التي تواجهها، فهمهم الآن وقبل انتهاء العام (الحافزي) أن تقل الأرقام بأي شكل، تلك الأرقام المخيفة التي أظهرها حافز وتحدّث بها المعيقل عياناً بياناً وقال إن نسب العاطلات من النساء تتجاوز 90% في بعض المناطق. لم تعد الحلول الشكليّة مقنعة أبداً، ولم يعد هناك ما يكفي من الوقت لنجرّب حلولاً أخرى ميّتة، فمن حق إنسان هذا الوطن الذي تعلّم فيه وحصل على شهادة جامعية أيّاً كان جنسه أن يجد الوظيفة التي تليق بعلمه وحلمه، أعرف أن هناك عوائق إداريّة كثيرة وتشابكاً وتداخلاً في صلاحيات الوزارت المعنيّة في ملفات البطالة والتوظيف لكن هذه المشكلة ليست من صنع الشاب أو الشّابة، فعلى سبيل المثال لو سألت أي وزير عن حاجة وزارته لقال إن هناك نقصاً في الكادر أو هناك حاجة شديدة لسد نقص في بعض الوظائف خصوصاً في المدن المتوسطة لكن مسألة التوظيف تعود لوزارة أخرى ومن ثم وزارت ليس آخرها وزارة الماليّة، هذا التعقيد الإداري هو الذي ولّد إحساسا لدى كل وزارة بأنها ليست المعنيّة بالمشكلة! وحتى لو قفزنا على الأرقام واستطعنا تخفيضها، ستبقى هناك جمرة حيّة من تحت الرماد سوف تتقد كلما هبّت الرياح وهي تلك البطالة الناعمة التي ملأت البيوت ولا تجد أي مبادرات جادّة لوضع حلول إلاّ على استحياء وتعارض كلّما وجدت فرصة مثلما حدث في تأنيث المحلات النسائية والكاشيرات. اخلقوا الفرص أو عدّلوا من تقاعد المرأة العاملة في الحكومة لخلق فرص جديدة، فالمال ليس أبقى من أبنائنا وبناتنا.