دائما ما تتنوع الاتجاهات الإبداعية لكل منا، وتتعدد بناءً على معطيات كثيرة، سواء ما ارتبط منها بالبيئة والمحيط الظاهري للفرد، أو بالعوامل الداخلية التي تجعل أحدنا أكثر ميلاً لنزعة أو شكلٍ فني ما دون غيره. لكننا نتفق جميعاً دون شك على حقيقة واحدة وهي أن المبدع الحقيقي بتميزه المتدفق، واستشرافه للمستقبل، يبقى بمثابة شعاع أمل يبحر بالبشرية بشكل متجدد تجاه غد أكثر إشراقاً. ولأن الإبداع الحقيقي هو بمثابة بناءٍ لا متناهٍ من الإنجازات، فإن الحكمة تؤشر إلى أن مفردات الإبداع كلها تظل قاصرة عن أن تفي بحق المبدعين الذين يطمحون إلى المساهمة في الارتقاء بالوطن، وإعلاء قيم المواطنة، في عالم أضحى أكثر ميلاً للمادة ولغة الأرقام وفق حسابات الربح والخسارة بمفهومها المادي. إن المبدعات والمبدعين في مجال التفوق الدراسي والابتكار العلمي بل وبقية المجالات، بما قدموه لأنفسهم ووطنهم لا بد أن يجدوا من يقدر مجهوداتهم، ويثمن تطلعاتهم، ويصقل مواهبهم، وينمي قدراتهم. من هنا فإن انطلاق هذه الجائزة، التي تشرفت بمباركة من صاحب السمو الأمير مشاري بن سعود أمير منطقة الباحة، حفظه الله، بأن أكون أمينا لها، هي نافذة نسعى من خلالها إلى إتاحة فرصة حقيقة لسجال علمي تتحاور فيه الصورة الإبداعية بكل تجلياتها لأولئك المتميزين، المنطلقة بوطنهم نحو عالم متحضر غير عابه بحواجز اختلاف الثقافات وتنوع الحضارات، نحو أفق ممتد يلامس إبداعهم، ويرعى مواهبهم. إن المتتبع لمسيرة التميز والإبداع في وطننا الحبيب سيلحظ القيمة الاعتبارية الجارفة التي بات يكتسبها المبدعون أياً كان مجال موهبتهم، وذلك بفضل العناية الفائقة التي بات يحظى بها المبدعون، التي أوقدت مواهب أصحاب الحجى المبدعة في جميع المجالات، ولأننا في المملكة العربية السعودية، وتحديداً في منطقة الباحة، نسعى جاهدين لمواكبة تميزٍ إبداعي، صاحبه تميز ونهضة وتقدم عمراني واقتصادي وحضاري، فإنه سيكون من دواعي سرورنا أن يكون المجتمع بكافة أطيافه شريكاً لنا في طموحٍ لتميز وإبداع جديد من خلال مشاركتهم جميعا واهتمامهم بهذه الجائزة. إن البعد الحضاري الذي نسعى لإضفائه على هذه الجائزة لتمييزها عما سواها من البرامج الراعية للتميز والإبداع هو رعاية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية لها، وحث صاحب السمو الأمير مشاري بن سعود أمير المنطقة، الدائم نحو سبق التميز والريادة، ناهلين في الأساس من شغف الباحة الفطري للإبداع. وفقنا الله وإياكم لما فيه خير وصلاح وطنٍ أكثر إبداعاً وتميزاً بقيمه السامية، آملاً أن نكون جميعاً على قدر ما نحمله على عاتقنا من مسؤوليات تجاه أوطاننا وعلى قدر الثقة التي يوليها لنا قادتنا حفظهم الله.