يحذر المستشارون المتخصصون في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة رواد ورائدات الأعمال من التهور في اتخاذ القرارات الخاصة بأعمالهم التجارية. ومع اقتناعي بأن هذا التحذير حقيقي، ويجب لفت انتباههم إليه باستمرار، إلا أنني أرى أن البحث في جذر الشعور بالاندفاع أكثر أهمية وأعمق من حيث استدامة نتائجه. تبدأ أعراض الاندفاع في اتخاذ القرارات المهمة مع البدايات الأولى لجني الأرباح. عندها يحس بعض رواد ورائدات الأعمال بالزهو والإعجاب بالنفس، وأن الطريق أصبح ممهداً للوصول إلى قائمة فوربس لأثرياء العالم. نتائج هذا الإحساس الخادع تبدأ بالتوقف عن طلب المشورة من المستشارين أو أصحاب الخبرة في السوق، وحتى لو قيلت لهم فإنهم يسمعونها بأذني رؤوسهم لا بأذني عقولهم. عند توقفهم عن طلب المشورة يبدأون تدريجياً بالانكفاء على أنفسهم، وهذه أخطر مرحلة، لأنه لم يعودوا يسمعون إلا صوت أنفسهم أو صوت المنافقين الذين يعززون باستمرار حالة الشعور بالزهو لديهم. وخلال مرحلة الانكفاء يبدأون في اتخاذ قرارات يعتقدون أنها ستوصلهم لتحقيق أحلامهم الكبيرة بأسرع وقت، لكنهم للأسف يسعون وراء سراب سيفيقون منه بحد أقصى خلال سنتين. عندها سيجدون أن كل شيء انهار من حولهم، فلا أحلامهم تحققت ولا عملهم التجاري استمر، ولا من كانوا يضعون الشمس في يمينهم والقمر في شمالهم استمروا، ولم يبق إلا الحسرة والديون المتراكمة. دور المستشارين هنا مهم في ملاحظة البوادر الأولى لحالة الزهو بالنفس للتقليل من آثارها السلبية، منعاً لدخول أبنائنا وبناتنا رواد ورائدات الأعمال في دوامات يصعب الخروج منها إلا بشق الأنفس.