أعرف أنكم لن تصدقوا، لأن عملية الإنقاذ عندنا تحتاج إلى إنقاذ، فالإنقاذ في أكثر حالاته يتم عبر مواطنين شجعان، جميعكم شاهدتم شابين يقومان بدور الدفاع المدني ليقوما بإنقاذ طفل من حريق في الدور الثاني، إن لم تكن محظوظاً وتسكن في الدور الأرضي لتكون أقدامك قريبة من الأرض فأنت مهدد عند حدوث حريق –لا سمح الله– لأن المسؤولين عن عمليات الإنقاذ أثناء الحريق أو السيول أو الحوادث الأخرى غير مدربين بما فيه الكفاية، ويقتصر عملهم على حضور الطابور الصباحي وفتح «بزبوز الوايت» للتأكد من وجود ماء والذهاب إلى موقع الحريق وتوجيه خرطوم الماء على المبنى، ينكسر قلبك وأنت تشاهد قيام أحد الهواة بعمل مقارنة بين مشهدين ووضع الفيلم على «اليوتيوب»، مشهد يتم فيه إنقاذ كلب أمريكي، ومشهد يتم فيه جرف السيول لشابين سعوديين في مدينة جيزان، ينكسر قلبك وأنت تشاهد صوراً لوفاة أربعة شباب سعوديين تعطلت سيارتهم في الصحراء ولم يجدوا مخرجاً سوى الاستسلام للموت عطشاً، يعلم الله أنك لا تستطيع منع عينيك من البكاء وأنت ترى صورهم وتتخيل نفسك مكان أحدهم، الكارثة والمفاجأة المبكية التي صدمتني عندما أخبرني أحدهم أن هناك رقماً هاتفياً تطلبه عندما تواجهك مثل هذه الكوارث، رقماً يستجيب حتى لو كان هاتفك مقفلاً أو ليس فيه طاقة أو كنت في منطقة نائية خالية من التغطية الهاتفية، رقم مرتبط بالأقمار الصناعية، السؤال الأكثر مرارة إن كان فعلاً هناك رقم هاتفي سحري لماذا لا نعلم عنه شيئاً ولا نعرفه؟ إن كانت لا توجد جهة حكومية تحمي أرواح الناس من السيول أو رمال الصحراء، يجب الإعلان عن منع الخروج لهذه الأماكن أو تقفيلها بأسلاك شائكة، وطبعاً هذا غير ممكن وغير إنساني، عوداً على بدء إذا شاهدتم في بلد عملية إنقاذ حيوان فاعلموا أن للإنسان في هذا البلد قيمة كبرى، والله المستعان.