احتفل الهنود الإيمارا، وهم أكبر إثنية في بوليفيا، رافعين أذرعهم وفاتحين راحة أيديهم باتجاه السماء، الخميس، برأس السنة الجديدة حسب روزنامتهم، في مواقع مقدسة من بينها وادي القمر، قرب لاباز ذات التضاريس الرائعة التي نحتها تعري التربة. يصدح صوت “ألاموتا” (الكاهن الإيمارا) لينو كويسبي قائلاً “خالالا تاتا انتي!” (نحييك أب الشمس) في حين بدت أولى أشعته تلوح من وراء الجبل. تنشر مبخرة روائح عطرة في الأجواء الباردة جداً (ثلاث درجات تحت الصفر) حيث تقيم الأرواح الفاضلة، في حين تخفت موسيقى المزامير. وادي القمر، على بعد عشرة كيلومترات جنوب لاباز، والبالغ ارتفاعه أكثر من 1500 متر، هو من بين المواقع الثمانين المقدسة في بوليفيا، حيث يحتفل الإيمارا سنوياً في 21 يونيو بانقلاب الشمس الشتوي، أو ما يعرف باسم “ويلككاكوتي”، أو عودة الشمس التي تشكل بالنسبة لهم بداية سنة جديدة. ومنذ وصول الرئيس إيفو موراليس إلى الحكم، وهو أول رئيس من أصل هندي في بوليفيا وينتمي إلى إثتنية إيمارا، أعلن العيد يوم عطلة رسمية. ويحضر “الاموتا” التقديمات الطقسية الموجهة إلى إلهة الشمس وفق علم الكونيات في منطقة الأنديز التي تولد في كل سنة “لمنح فرصة جديدة للتجدد الكوني” على ما يقول فيليكس مندوزا، أستاذ اللاهوت الأنديزي في جامعة تاواتينسويو. في هذه الأثناء، يحضر الوسيط كاليختو كويا الذي ارتدى بانشو أحمر اللون، واعتمر قبعة ملونة، تقدمتين، الأولى للتطهير، حيث يطغى اللون الأبيض، والأخرى للمباركة مع ألوان فاقعة. والتقدمة عادة تكون مؤلفة من أعشاب عطرة ودهن حيواني وسكاكر والصوف والبخور وأوراق الكوكا والأخشاب المعطرة و”سويو” (جنين حيوان لامة) مزين بالصوف الملون. وعند بزوغ الفجر، وبعد التضرع إلى الأرواح، تروى التقديمات بالمشروبات، ويضعها الوسيط على الجمر. ويقول “النار والشمس يجب أن تلتقيا” قبل أن يتمتم صلوات باللغة المحلية تتضرع إلى الهواء للسيطرة على الآلهة، وتلقي “انتي تاتا”. وتشرق الشمس أخيراً عند الساعة 07.02 بالتوقيت المحلي، وتبسط أشعتها على الموقع بعد 18 دقيقة على ذلك. فيروح المشاركون المئة تقريباً في المراسم يلوحون بأعلام “ويبالا” للسكان المحليين المتعددة الألوان، ويطلقون صيحات فرح تحيي “الأب – الشمس”، و”الأرض – الأم”. وأقام أكثر من خمسين موقعاً عبر البلاد الطقوس ذاتها احتفالاً ببدء العام 5520 الذي يتزامن مع بدء أوان البذر. في تيواناكو، وهو مجمع ضخم سابق لحضارة الإنكا، وهو مركز روحي ومكان مقدس لهنود الأنديز الواقع على ارتفاع 3800 متر، وعلى بعد حوالى 80 كيلومتراً من لاباز، جرت المراسم بحضور نائب الرئيس ألفارو غارسيا، وحاكم المنطقة سيزار كاكاركو. والحساب الغريب بعض الشيء للوصول إلى العام 5520 يمثل نتيجة الحقبات الخمس (كل حقبة من ألف سنة) لتاريخ الشعوب الأصلية حتى بدء الغزو الإسباني العام 1492. ومن ثم يطرح 1429 من 2012 أي السنة الحالية فتكون النتيجة 520 تضاف إلى خمسة آلاف سنة السابقة. أ ف ب | لاباز