تعود رسوم عثر عليها في كهوف إسبانية إلى أكثر من 40 ألف سنة، وفق ما بين تأريخ لها يجعل منها أقدم رسوم في أوروبا مع إمكانية أن تكون أتت على يد الإنسان النياندرتالي حسبما أظهرت دراسة جديدة. هذا التأريخ الجديد لحوالى 50 رسماً من العصر الحجري الأخير (نيوليتي) في 11 كهفاً في شمال غرب إسبانيا، يشير إلى أن هذا النشاط الفني من فترة ما قبل التاريخ، بدأ في أوروبا قبل 10 آلاف سنة مما كان مقدراً حتى الآن. وبين العلماء الذين يقفون وراء هذا الاكتشاف، أن يداً وأسطوانات مرسومة بالمرسام من خلال نفخ الطلاء على جدران كهف إيل كاستيو تعود إلى ما يقل عن أربعين ألفاً وثمانمائة سنة، أي خمسة إلى عشرة آلاف سنة أقدم من رسوم وزينة عثر عليها في كهوف في فرنسا، والتي كانت تعتبر الأقدم في أوروبا. ويقول المشرف الرئيسي على الدراسة أليستر بايك (من جامعة بريستول في بريطانيا): “تعود مؤشرات وجود الإنسان الحديث في شمال إسبانيا إلى 41 ألفاً وخمسمائة سنة، وهي مرحلة كانت تشهد في الأماكن نفسها استمرار وجود إنسان النياندرتالي”. ويوضح “نتائج هذا التأريخ تظهر أن الإنسان الحديث قد يكون وصل من إفريقيا مع الرسم الجدراني الذي كانت جزءاً من نشاطاته الثقافية، أو ربما طور هذا النوع من التعبير الفني سريعاً جداً، رداً ربما على منافسة الإنسان النياندرتالي” الذي قد يكون تعايش معه لفترة. لكنه يشير إلى أن الرسوم النيوليتية الأقدم المكتشفة حتى الآن موجودة في كهوف في أوروبا، وليس إفريقيا على ما يبدو. وأولى أشكال التعبير الإنساني بالرموز التي عثر عليها في القارة الإفريقية تعود إلى سبعين أو مائة ألف عام، وهي لآلئ مثقوبة أو قشور بيض محفورة أو صباغ. ويضيف العالم، الذي نشرت أعماله التي شارك فيها باحثون عدة في مجلة “ساينس” بتاريخ 15 يونيو، أن هذه الرسوم قد تكون أيضاً “فناً نياندرتالياً”. ويشدد أليستر بايك “في حال كان هذا صحيحاً، فهو سيشكل اكتشافاً رائعاً، ويعني أن الأيادي المرسومة في إسبانيا أنجزت من خلال وضع أيادي أناس نياندرتاليين على جدران هذه الكهوف”، لكنه يؤكد “ينبغي تأريخ المزيد من الرسوم لإثبات ذلك”. ويقول جواو زيلهاو، وهو خبير في النياندرتاليين في جامعة برشلونة ومشارك في الدراسة، أن هذه الفرضية ممكنة. ويوضح أن تقينة التأريخ المشع مع اليورانيوم والثوريوم المستخدمة في هذه الحالة، والتي تقيس عمر الرواسب المشبعة بالكربون على الرسوم، لا تؤرخ الطبقة العليا للصباغ حتى لا تلحق الضرر بها. ويضيف أن “هذه الرسوم قد تكون أقدم بآلاف عدة من السنين من الرواسب التي تغطيها. لا يمكننا أن نثبت ذلك بعد، لكن حدسي يقول لي إن الأمر قد يكون كذلك”. ويقول “نعرف أن استخدام الرموز في التعبير الثقافي كان موجوداً لدى النياندرتاليين” ذاكراً الرسوم الجسدية والحلى المصنوعة من العظام والعاج والصدف في ثقافة العصر الحجري القديم في فرنسا، وفي شبه الجزيرة الإيبيرية قبل خمسين ألف سنة. ويختم جوا زيلها قائلاً “وانطلاقاً من هذا، لن نفاجأ أن تبين أن النياندرتاليين كانوا أول فناني الكهوف في أوروبا، خصوصاً بعد المعلومات التي اكتشفناها عنهم في السنوات العشر الأخيرة”. أ ف ب | واشنطن