لماذا كان آباؤنا وأجدادنا، رغم ظروف الحياة الصعبة، وكثرة الحاجة، وقلة الموارد، أكثر بساطة وتكيفاً مع الحياة؟ ولماذا ونحن الآن في عصر التطور والانفجار المعلوماتي والتقني نعاني صعوبة الحياة والضغوط التي تثقلنا أكثر وأكثر؟ لماذا كنا في الماضي نستمتع بقناة تليفزيونية واحدة، وبشاشة بيضاوية أبيض وأسود، واليوم نقف على مئات المحطات الفضائية والشاشات البلازما، وما يعرف بال LCD ونشعر بملل؟ هل أصبحت المعادلة أنه كلما زدنا تقدماً كلما زادت أعباء الحياة علينا أكثر، أم أصبحنا عبئاً على الحياة؟ تلك ليست بالنظرة السوداوية، ولكن تلك هي الحقيقة، حقيقة أننا أصبحنا أكثر تعقيداً رغم بساطة الحياة، العيب فينا أيها الأخوة. نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا وفي المقابل، نعرف من الناس في حياتنا اليومية، وإن ندروا، بالسماحة والبساطة في تعاملاتهم مع الآخرين، وبساطتهم تكمن في أسلوب حديثهم، وفي نمط حياتهم، وفي مطالبهم، ولا يهمهم أن يتقاضوا حقوقهم كلها، ويتغاضون عن كثير من الأمور، ويتغابون «باختيارهم» أحياناً، ولا يفتشون في ما خلف العبارات، ولا يتعبون أنفسهم بهذه الأمور، وتجدهم في وقت الأزمات أكثر تماسكاً وصلابة، ويمارسون فن التهوين لا التهويل، ويجعلون من القبة حبة «بمعكوس مثلنا الدارج»، ويتمتعون بالوفرة في حياتهم، فهم يرضون بالقليل وعطاؤهم كثير، ويعطيهم الله من حيث لا يحتسبون، وسعيهم الدائم نحو رضا النفس وراحة البال. وعلاوة على كل ذلك، فهم الأكثر تكيفاً مع ظروف وإشكاليات الحياة، والأقل عرضة للأمراض بشكل عام. والسؤال المهم: ما القاسم المشترك الذي يجمع خصائص تلك الشخصية؟ الحقيقة أن كلاً منا يرغب أن يكون تلك الشخصية، فالأصل في الطبيعة الإنسانية والسنن الكونية التي وضعها الله عز وجل هي البساطة والسعادة والخير والسلام والتسامح والحب. نحن تعلمنا وطوعنا أنفسنا إلى كل ما هو سلبي في حياتنا، حتى تكونت تلك الشخصية الصلبة التي تأخذ من صلابة التطور، إن جاز لي التعبير، كثيرا وكثيرا منها. فائدة: «حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس» - حديث شريف