يُعرف إقليم دارفور في السودان ب «موطن الرجال»، فمنه خرج أبطال سطروا بدمائهم أروع ملاحم التاريخ السوداني وحرروا بلدهم من حكم المستعمر التركي. ودارفور تعنى «موطن الفور»، وترجع تسمية الإقليم بهذا الاسم إلى قبيلة الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان على دينار الذي يعتبره الدارفوريون أب الثورة، حيث استُشهِد وهو في أرض القتال ضد المستعمر الإنجليزي، وكان الإقليم يُحكَم في ظل حكومة فيدرالية يدير فيها زعماء القبائل مناطقهم حتى سقوط هذا النظام خلال الحكم العثمانى. وفي هذا الملف الخاص، الذي تقدمه «الشرق» لقرائها على مدار أسبوع، ترصد الصحيفة القصة الكاملة للصراع في دارفور خلال السنوات الماضية، وتفاصيله الدقيقة من أفواه من صنعوه، كما تناقش معهم ملامح مستقبل الإقليم وعلاقة أبنائه وسياسييه بالخرطوم. ويقدم الملف معلومات تكشف لأول مرة عن دور جهات خارجية في صراع دارفور وعلاقة الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تحكم دول الجنوب الآن، بما كان يجري في الإقليم. مرافق الصحة والتعليم والخدمات الأكثر تضرراً من الصراعات نيام: التدمير تجاوز الاقتصاد وأثَّر على ثقافة وقيم المواطنين مادبو: أقل من مليون نازح في المعسكرات واستمرار العودة الطوعية يُعرف إقليم دارفور في السودان ب «موطن الرجال»، فمنه خرج أبطال سطروا بدمائهم أروع ملاحم التاريخ السوداني وحرروا بلدهم من حكم المستعمر التركي. ودارفور تعنى «موطن الفور»، وترجع تسمية الإقليم بهذا الاسم إلى قبيلة الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان على دينار الذي يعتبره الدارفوريون أب الثورة، حيث استُشهِد وهو في أرض القتال ضد المستعمر الإنجليزي، وكان الإقليم يُحكَم في ظل حكومة فيدرالية يدير فيها زعماء القبائل مناطقهم حتى سقوط هذا النظام خلال الحكم العثمانى. وفي هذا الملف الخاص، الذي تقدمه «الشرق» لقرائها على مدار أسبوع، ترصد الصحيفة القصة الكاملة للصراع في دارفور خلال السنوات الماضية، وتفاصيله الدقيقة من أفواه من صنعوه، كما تناقش معهم ملامح مستقبل الإقليم وعلاقة أبنائه وسياسييه بالخرطوم. ويقدم الملف معلومات تكشف لأول مرة عن دور جهات خارجية في صراع دارفور وعلاقة الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تحكم دول الجنوب الآن، بما كان يجري في الإقليم. قال وزير إعادة الإعمار والبنية التحتية في إقليم دارفور، تاج الدين نيام، إن الحرب خلَّفت دماراً اقتصاديا كبيرا يقدر ببلايين الدولارات (حوالي عشرة مليارات دولار)، مشيرا إلى أنه لا يمكن حصر قيمتها بالضبط، ومستدلاً بترك المواطنين منازلهم في آلاف القرى بجانب مواقع الإنتاج سواء كانت مزارع أو مراعي. ولفت إلى حدوث إتلاف كامل لعدد كبير جدا من المدارس والمستشفيات والبنى التحتية في دارفور، ولذا فهو يعتقد من وجهة نظره بأنه ليس من السهل تقدير الحجم الطبيعي للخسائر المادية والاقتصادية الناتجة عن الحرب، مؤكدا أنها كبيرة إلى درجة لا يمكن أن يتصورها أو يتخيلها أي إنسان. وقال «التدمير لم يكن من الناحية الاقتصادية فقط، فهناك تدمير اجتماعي وتدمير أمني، وتدمير لقيم وثقافات وحتى تدمير في الخلق والدين»، منوِّها للمرة الثانية بأنه يصعب جدا تقدير الخسائر، وتابع «نحن نتحدث عن إعادة اللاجئين الذين نزحوا بسبب الحرب، إنهم لا يقلون عن نصف عدد سكان الإقليم، ويصعب جدا تحديدهم لأن هنالك عودة طوعية انفرادية أو جماعية وأيضا هنالك بعض النزاعات في بعض المناطق ولكن على أقل تقدير عددهم ما بين مليون ونصف المليون شخص لاجئ لا زالوا في مواقع المعسكرات، ويمكن أن نتحدث عمّا لا يقل عن 500 ألف شخص لاجئ في دول الجوار». وأكمل «تشاد استضافت ليس كما يقال 50 أو 51 ألف لاجئ فالعدد أكثر من ذلك، وعلى أقل تقدير هناك أكثر من ستين ألف لاجئ لديها، ونحن نتحدث عن ضرورة إعادة الناس لمواطنهم الأصلية بعد توفر الأمن وبعد تقديم الخدمات الأساسية». وعن المبالغ التي تم رصدها للعودة الطوعية قال «أنت لا تستطيع التحدث عن رصد مبالغ معينة للتنمية أو للمياه أو للصحة قبيل أن يتم تحديد حجم الخسائر الموجودة فأنت تحتاج أن تقوم بإرسال فرق متخصصة تضم ممثلين للمجتمع الدولي كي تقوم بتقييم الخسائر في مجال الصحة والتعليم وفي مجال البنى التحتية وفي مجال الطرق وبعد ذلك يمكن أن تقدر حجمها، فالآن نحن نحتاج إلى تجميع هذه المعلومات واستخلاصها وتقييم فريق متخصص». خسائر المرافق بدارفور نتيجة للأحداث المتتالية في دارفور توقفت دورة الإنتاج التقليدي في معظم مناطق الإقليم كما تأثر قطاع الثروة الحيوانية بدرجة كبيرة، وتأثرت أيضاً المرافق التعليمية والصحية والخدمية والأسواق جراء الحرب، ففي مجال المياه تشير بعض المصادر إلى أن الحرب دمرت 864 مورداً مائياً من آبار وخزانات وحفائر ومحطات مياه صغيرة، وذلك على النحو التالي، 418 موردا مائيا في شمال دارفور، و207 موارد مائية في جنوب دارفور، و 244 موردا مائيا في غرب دارفور. وفيما يتعلق بالمرافق الصحية دمرت الحرب حوالي 652 مرفقا صحيا كان نصيب الولايات على النحو الآتي، شمال دارفور 339 مرفقا صحيا بنسبة 52 %، جنوب دارفور 143 مرفقا صحيا بنسبة 22 %، غرب دارفور 170 مرفقا صحيا بنسبة 26 %. أما المؤسسات التعليمية المتمثلة في مدارس المرحلتين الأساسية والثانوية فتم تدمير475 مرفقا تعليميا منها 214 في ولاية شمال دارفور، و154 في ولاية جنوب دارفور، و107 في غرب دارفور. وقدَّم صندوق دارفور للتنمية والإعمار خطة إعمار قدرت تكلفتها النهائية ب 13 مليار دولار. تدمير 2000 قرية من جهته، قال وزير الإعلام في سلطة دارفور الحالية ومفوض مفوضية إعادة تعمير دارفور السابق، الدكتور إبراهيم مادبو، في حديثه ل «الشرق» إن عدد القرى التي تم تدميرها تدميرا كاملا أو جزئيا تم تقديرها في حدود 2000 قرية، وتابع «قمنا بإجراء دراسات ومسوحات لمعرفة حجم الدمار الذي أحدثته الحرب في الإقليم». وفيما يتعلق بالبنية التحتية خاصةً في مجال المياه والمدارس والمراكز الصحية والمستشفيات والمباني الخاصة بالإدارات الحكومية ومقرات الشرطة، قال مادبو إن جزءا كبيرا من هذه المنشآت دُمِّر فيما تم نهب الجزء الآخر، وأضاف «حتى الأسواق لم تسلم من الخراب في الإقليم». وأكمل «حجم الإصلاح لكل ما تم تدميره في دارفور سواءً بصيانة وتأهيل المنشآت التي دمرت تدميرا جزئيا، أو تلك التي تحتاج إلى عملية إعادة بناء كاملة يتطلب مبالغ في حدود ثمانية مليارات دولار إلى عشرة مليارات، وتلك التقديرات تمت وفقا للأسعار في العامين 2008 و2009، والآن وبالتقديرات الجديدة فإن التكاليف ستتضاعف دون شك». وبيَّن مادبو أن القضية الأساسية التي تشغل حكومة سلطة دارفور الآن هي مسألة إعادة النازحين إلى ديارهم، وهذا يتطلب بالضرورة تنمية كل القرى في الريف الدارفوري الذي ينتمي إليه هولاء النازحون. وخلافا لأرقام تاج الدين نيام، قدَّر مادبو عدد النازحين الموجودين الآن في معسكرات النزوح المختلفة في دارفور بأقل من مليون نازح، وقال إن عددهم في السابق كان يربو على 1.2 مليون نازح في العام 2009، أما الآن فإن جزءا كبيرا منهم عاد إلى دياره في إطار برنامج العودة الطوعية، مشددا على ضرورة إعادة النازحين لأن هذه المسالة ذات أبعاد سياسية وإنسانية. وأوضح الوزير الدارفوري أن حوالي 80 % من نازحي دارفور هم مزارعون لابد أن يعودوا إلى ديارهم للبدء في رحلة العودة للتنمية الزراعية. وأضاف «وضعنا خطة تمتد إلى نحو عشر سنوات بكلفة إجمالية في حدود ملياري دولار من الحكومة الاتحادية التي تدفع منها مائتي مليون دولار خلال العام الأول، ثم 300 مليون دولار في العام الذي يليه حتى تصل جملة المبالغ إلى ملياري دولار في غضون عشر سنوات». فرص الاستثمار وأكد أن دولة قطر أيضا اعتمدت مبالغ لتنمية دارفور في حدود ملياري دولار، وأوضح أن سلطة دارفور الآن بصدد طرح مشروعات في مجال البنية التحتية لتشييد المستشفيات والطرق ومشروعات الكهرباء بنظام ال «بي. أو. تي» أمام المستثمرين. وقال إن وزارة المالية الاتحادية أجازت نظام الاستثمار بهذا النظام، ولفت إلى أن الاستثمار في مجال الكهرباء في دارفور مربح للغاية وسريع العائد، إضافة إلى مجال الخدمات الصحية. وأشار الوزير الدارفوري إلى توفر 39 معدنا في دارفور من بينها سبعة معادن استراتيجية نادرة، وقال إن وزارة التعدين الاتحادية وضعت خارطة لمعادن الإقليم لطرحها أمام المستثمرين. وأضاف «أما في المجال الزراعي فإن تربة دارفور غنية، وهي الأعلى إنتاجا في البلاد وهناك مساحات شاسعة خصصناها للاستثمار، ونريد للإقليم أن يكون مركز جذب استثماري لتمتعه بموارد ضخمة كانت سببا في الأطماع الدولية». وأكد وزير الإعلام توفر الأمن في كافة أنحاء الإقليم بنسبة 90 %، واعتبر أن الحركات المسلحة تشن هجمات خاطفة في الأطراف لخلق صورة ذهنية بعدم استقرار الأوضاع الأمنية في الإقليم. وتطرق إلى تعدد المناخات بدارفور، ومن بينها مناخ البحر الأبيض المتوسط في منطقة جبل مرة بجانب المزايا النسبية للمنتجات البستانية في دارفور وانخفاض أثمانها مما يشكل فرصة ذهبية للمستثمرين بجانب توفر المياه وعددٍ من المشروعات الزراعية. وتوقع مادبو أن يجذب مؤتمر المانحين لدارفور المقرر انعقاده قريباً موارد ضخمة للإقليم لمجابهة متطلبات التنمية وإعادة التعمير، وبيَّن أن الجهات الفنية المتخصصة في الحكومة وسلطة دارفور الإقليمية تعكف الآن على وضع الدارسات اللازمة لمشروعات إعادة إعمار الإقليم وإصلاح بنيته التحتية وإعادته مجددا لدائرة الفعالية الاقتصادية في السودان واستعادة دوره التاريخي في مد اقتصاد البلاد بالعديد من المنتجات الزراعية والحيوانية وزيادة حصيلة صادرات البلاد ودعم الاقتصاد الوطني. ورحب الوزير الدارفوري بقدوم الاستثمارات السعودية والعربية لتنمية دارفور، واعتبر أن قانون الاستثمار في السودان يمنح جملة من الحوافز للمستثمرين الذين يودون الاستثمار في الولايات الأقل نموا، لافتا إلى الموقع الاستراتيجي لدارفور الذي يربط منطقة غرب إفريقيا بالعالم العربي.وقال إن دارفور خلال الفترة المقبلة ستكون عونا وداعما قويا للاقتصاد السوداني، وأبدى تفاؤله بمستقبل الإقليم سياسيا واقتصاديا، وتوقع أن تصبح دارفور خلال السنوات المقبلة مركزا اقتصاديا يقصده الناس بخلاف الصورة الذهنية الحالية التي خلفتها الحرب في الإقليم. الصراع في دارفور.. القصة الكاملة: 1. مفجر التمرد الدارفوري شوقار ل الشرق: استئثار الشمال بالسلطة والثروة دفعنا للخروج عليه..ونستطيع فرض الأمن دون قوات دولية 2. أرض النفط واليورانيوم تتحول إلى مخزن عالمي للأسلحة 3. قيادي في دارفور ل الشرق: خدعنا حكومة عمر البشير وتدربنا في معسكرات الجيش قبل الثورة على النظام 4. «الجنجويد».. ميليشيات في دارفور بدأت بالنهب المسلح وانتهت بأدوار سياسية عسكرية 5. وزيران في سلطة دارفور ل الشرق: نحتاج إلى ما يزيد على عشرة مليارات لإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب حركة النزوح بدأت تنحسر بسبب برامج العودة الطوعية (الشرق)