نلاحظ في الآونة الأخيرة، كثرة المتسولين في كل مكان، سواء في الأسواق والمجمعات التجارية، أو في المواقع الحكومية والخاصة، كالمستشفيات، وغيرها، إضافة إلى المساجد، وهي الأماكن المفضلة للمتسولين، من حيث كونها أماكن عبادة، ويفترضون أنّ النّاس يتعاطفون معهم أكثر في هذه الأماكن الشريفة. والغريب في الأمر، أنّ الفئات العمرية للمتسولين مختلفة، فمنهم الشيخ الكبير والطفل والشاب متوسط العمر، وفيهم كذلك المرأة والبنت الصغيرة، ومنهم المواطن ومنهم الوافد. إلخ وبالطبع سلوك المتسولين متباين، ونواياهم مختلفة، فمنهم الصادق، ومنهم المحتال، ومنهم من يمارس التسول لأول مرة، ومنهم المتمرس، وربما فيهم أفراد عصابات، ومنهم من يستدر العاطفة، عبر البكاء أو إظهار العاهات والإعاقات، الفكرية أو الجسدية، ومنهم من يتصدر المسجد بخطب عصماء، ليبين صوته الجهوري، كوسيلة لتعزيز الثقة، وتأكيد مصداقيته، وتوضيح مقدار كرامته لولا الحاجة التي ألمت به! وبحكم عملي، أضطر لصلاة الظهر يومياً في مسجد برج الفيصلية، ولن أبالغ إن قلت إنه في كل يوم لا يقل المتسولون عن اثنين، يتقدمون الصفوف، ويتسابقون في المبادرة بالوقوف بعد انتهاء الإمام من الصلاة، حتى يسبق أحدهم الآخر في الكلام، لكي يكسب أكبر عدد ممكن من المتعاطفين. وبالطبع هذا السلوك أصبح مكرراً كل يوم، وبطريقة غير جيدة، وتفسد على المصلين روحانيتهم، والهدوء الذي ينشدونه بعد الصلاة للتسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار. إنّها حقيقة مزعجة للغاية، مما يجعلك تلاحظ تذمر الكثير من المصلين من هذه السلوكيات غير الجيدة، والمسيئة لبيوت الله، لأنّ المساجد ليست للتسول، وكذلك الحال في كل المواقع المختلفة. لذلك أعتقد أنه يتوجب على الجهات المعنيّة، وخصوصاً وزارة الشؤون الاجتماعية، ممثلة في مكافحة التسول، والجهات الأمنية ذات العلاقة، بذل مزيد من الجهود، لرصد هذه الحالات، بحيث يحال المحتاج منهم للجمعيات الخيرية لدراسة حالته، وإحالة ممتهني التسول إلى الجهات الأمنية، لينالوا ما يستحقون وفقا للأنظمة، لأنّ بقاء الحال على ما هو عليه، ينذر بزيادة أعداد هؤلاء المتسولين، وقد يكون لذلك عواقب وخيمة، وغير محسوبة النتائج.