القانون وجد ليحمينا ليس لأننا لا نعيش في غابة حيث البقاء للأقوى فقط، بل لأن الإنسان كائن مستعد للبطش متى ما توفرت بين يديه القدرة والسلطة المطلقة. كالعادة، معنفة سكاكا، المستنجدة بالجماهير، مثل ألف امرأة مختبئة خلف الأسوار تُعنف، من رجل أيا كانت علاقتها به، يمارس عليها مفهومه الخاطئ عن الرجولة، خرجت لنا من خلال حساب على تويتر، بصور مؤلمة ووجه متورم، استنجدت وطلبت الرحمة، استنفرت العصافير المغردة، ثم ظهر المتحدث الرسمي باسم وزارة التنمية الاجتماعية ليقول إن الجهات المعنية تتابع القضية وفق الأنظمة والقوانين التي نحن لا نعلم عنها. لا أظن أن العنف ضد المرأة سيختفي من العالم كله، لكن بالإمكان الحد منه، وتخفيف نسبته، ومعالجة آثاره على المعنفة. ولم أجد دراسات رسمية حديثة حول أرقامه في المملكة، لكنني متأكدة من أنها كبيرة ومخيفة! ولن أتخذ دور الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في تفنيد الأضرار الجسيمة للعنف أيا كان نوعه، لكن بعرض بسيط، عنف أسري ذلك يعني عائلة غير مستقرة، بالتأكيد لن تنتج لنا أفرادا أسوياء ومنتجين، بل أشخاصاً بمستقبل غير مبشر وبسلوكيات خاطئة، وانحراف عن الطريق المستقيم، من سيدفع هذه الفاتورة لاحقا؟؟ وزارة التنمية الاجتماعية أخذت على عاتقها الدور التنموي في المجتمع الذي يبدأ بكل تأكيد من العائلة الصغيرة، التي هي المكون الأساسي، كيف ننمي هذه العائلة؟ كيف نحميها؟ لا يمكن أن نتوقع مجتمعا حيويا إذا كانت هذه الأسرة تعاني، أو أن أحد أفرادها يعيش تحت ضغط، ويعيش العنف في البيت، حيث يجب أن تكون السكينة والهدوء. لا يمكن أن تتحقق التنمية وعلى الجانب الآخر فئات تهدم، لأن الرجل يعلم بأنه متى ما أراد سيمارس عنفه على المرأة ولا رادع له! وهنا يأتي دور القانون، الحماية وحفظ الحقوق وعقاب المتجاوز. آلية واضحة لحماية المعتدى عليها، لمن تلجأ حين تُعنف، وكيف سيتم حمايتها، أم سيتم إبقاؤها في دور الرعاية التي هي أشبه بالحبس؟ ثم عقاب واضح للمعتدي عليه، قانون ينتصر لها، وأخيرا حملات توعوية للمجتمع ترفض العنف بكل أشكاله، وتدعم المرأة بأن تكون مستقلة ماديا وقوية بقناعاتها وثقتها بنفسها، بالتالي لن تضطر لأن تعيش تحت خيار سيئ، ولن تقبل بأن تكون تحت تهديد رجل يعنفها، ستتكفل كل سيدة بنفسها، ستكون قوية ولن تحتاج لحماية، وستلجأ للقانون إن احتاجت بوضوح وبشكل مباشر. عدا ذلك، سنبقى ارتدادا وظاهرة صوتية، وانتصارات فردية تسجل للمسؤولين، طالما لم توجد آلية واضحة، وقانون صريح يحمي المرأة المعنفة، سنبقى بانتظار حساب جديد على تويتر، بصور موجعة، وجلد متورم، وصاحبته تصرخ تطلب النجدة والعون، وجماهير تفزع وتحلل وتحرم، وتصريح جديد للوزارة يقول بإنه تم اتخاذ الإجراء اللازم!