كما نحرص دائماً على اختيار الجار في السكن، من المهم جداً أن نختار الرفقاء في السفر، وللأمانة كان حظي كبيراً عندما جمعتني الصدفة بالأستاذ الشاعر الحسن آل خيرات رئيس نادي جازان الأدبي، فقد كنا على نفس الرحلة المغادرة جازان لحضور فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، والصدفة وحدها أيضاً قادتنا إلى الاستمرار في مناشط ثقافية أخرى تستحق الذكر. ففي مساء الجمعة 25 جمادى الآخرة 1438ه كرمني صالون (الصنيف الثقافي) في محافظة صبيا، كان تكريماً يليق بالمكان وأهله، تجلت روعة المساء وجماله بالتنظيم الرائع، والتقديم الفاخر الذي أبهرنا به الروائي (جابر مدخلي) وقراءة متجلية في مجموعتي الشعرية (مع الريح)، قدمها الناقد (مطاعن جدع)، وقصائد مختارة من ديواني قدمها الطفل سمير جدع، والشاب حسام حملي، وكان الحضور النخبوي رائعاً بوجود الأحبة يتقدمهم (الشيخ موسى بعلول) ونخبة من المثقفين والأدباء المبدعين والأكاديميين، تضيق المساحة بذكرهم، وسعدت كثيراً بتلك اللفتة الكريمة والمداخلات الصوتية والشهادات المقدمة من أحبابي وأصدقائي الذين ملأوا منتدى (الصنيف) حباً وجلالاً، وملأوا قلبي فرحاً وحبوراً. في اليوم التالي مباشرة غادرنا إلى الدمام للمشاركة في فعاليات ملتقى دارين الثقافي الذي يقيمه نادي المنطقة الشرقية الأدبي وكان بعنوان (المؤسسات الثقافية الأهلية والخاصة.. المنجز وآفاق المستقبل) تماشياً مع الرؤية الثقافية للمملكة في (رؤية 2030)، فكان تظاهرة ثقافية متميزة، شملت معرضاً للمؤسسات المشاركة محلياً وعربياً ودولياً، والاختيار الذكي لدولة (طاجيكستان) الضيف الرسمي للملتقى لما تمتلكه من إرث حضاري وتاريخي ومعرفي، وتحتل مفردات اللغة العربية مساحة كبيرة في لغة أهلها. ملتقى دارين الثقافي فتح مجالاً واسعاً للتفاعل والشراكة التكاملية بين المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، على الرغم من أن جميعها في الأصل تحت مظلة المجتمع المدني، لأهميتها كأحد الأوعية الثقافية والروافد المعرفية، التي تنشر الأدب والثقافة، وكانت لفتة رائعة من أدبي الشرقية بقيادة رئيس مجلس إدارته الأستاذ (محمد بوديّ) المتفاعل بذكاء مع الحراك الثقافي وتفعيل المشهد بحرفية متناهية، فقد اجتهد في تفعيل قرارات الدورة السابعة لرؤساء الأندية الأدبية في المملكة بدءاً من تواصله مع اتحاد الكتاب العرب، مروراً بجائزة العام الأدبية التي فاز بها أستاذ الجيل الشاعر أحمد إبراهيم مطاعن، وتفعيل جناح الأندية الأدبية الذي كان علامة مضيئة بارزة ومقراً ثابتاً للأدباء أيام معرض الكتاب. واختتمت جولتنا الثقافية بإحياء أمسية شعرية في مقر نادي الأحساء الأدبي الفخم بدعوة من رئيس مجلس الإدارة الدكتور ظافر الشهري، وأدار الأمسية الشاعر محمد الجلواح، وشرفنا كوكبة من شعراء الأحساء كالظاهرة جاسم الصحيح والرائعين جاسم عساكر وصالح الحربي وشاعراته الجميلات شعراً وأدباً تقودهن الشاعرتان تهاني الصبيح وينابيع السبيعي، وشارك الجميع بفاعلية بمناسبة ذكرى يوم الشعر العالمي، بالإضافة إلى عدد من الأكاديميين على رأسهم الدكتور نبيل المحيش، وقد أثروا المساء بمداخلاتهم ونقاشاتهم الأدبية الراقية.