رفضت المعارضة السورية أي تدخلٍ «أممي» في اختيار وفدها المقرّر مشاركته في محادثات السلام المقبلة، بحسب ما أورد الموقعان الإلكترونيان لوكالتي الأنباء «رويترز» و»فرانس برس». في غضون ذلك؛ أعلنت الجامعة العربية أن عودة نظام بشار الأسد إليها غير مطروحة حالياً، ردّاً على طلبٍ روسي. واعتبرت الهيئة العليا للمفاوضات، الممثّلة للتيار الرئيس في المعارضة السياسية السورية، أن دخول الأممالمتحدة على خط تشكيل الوفد المعارِض، الذي سيذهب إلى جنيف السويسرية لإجراء جولةٍ مقبلةٍ من المحادثات بشأن أزمة سوريا، أمرٌ غير مقبول. يأتي ذلك بعدما ذكر المبعوث «الأممي» الخاص بالأزمة، ستافان دي ميستورا، أنه سيختار ممثلي المعارضة إذا لم يكن في وسعها تشكيل الوفد حتى يضمن «تمثيل أكبر عدد ممكن من الفصائل فيه. وصرّح دي ميستورا عقب اجتماعٍ مع مجلس الأمن الدولي أمس الأول «في حال لم تكن المعارضة جاهزة للمشاركة بموقف موحد بحلول ال8 من فبراير؛ فسأقوم بتحديد الوفد لجعله شاملاً قدر الإمكان». وصدر تصريحٌ روسي بالمعنى نفسه، إذ قال نائب وزير خارجية روسيا، ميخائيل بوغدانوف، إنه «في حال عجز المعارضة السورية عن تشكيل وفد موحد إلى مفاوضات جنيف؛ فقد تقوم الأممالمتحدة ومجموعة دعم سوريا بتحديد تشكيلة الوفد». وكان دبلوماسيون أفادوا، الثلاثاء، بأن ال20 من فبراير الجاري يحدّد كموعد جديد للجولة المقبلة من محادثات جنيف. واعتبر المتحدث باسم هيئة المفاوضات، سالم المسلط، أن «حديث السيد دي ميستورا عن اعتزامه تشكيل وفد المعارضة بنفسه أمرٌ غير مقبول ويعتبر استخفافاً بقدرة ممثلي الشعب السوري». وتساءل في تغريدةٍ على موقع تويتر «هل يستطيع السيد دي ميستورا التدخل في تشكيل وفد النظام؟؟!». في ذات السياق؛ كتب المنسق العام للهيئة، رياض حجاب، على تويتر أن «تحديد وفد المعارضة السورية ليس من اختصاص دي ميستورا. أهم ما يجب أن ينشغل به الموفد الأممي هو تحديد أجندة للمفاوضات وفق بيان جنيف». وكان مقرراً بدء الجولة المقبلة من محادثات جنيف، التي ترعاها الأممالمتحدة، في ال8 من فبراير. لكن وزير خارجية روسيا، سيرجي لافروف، ذكر الأسبوع الماضي أنها تأجلت، وهو ما أكده دي ميستورا الثلاثاء خلال جلسة مجلس الأمن في مدينة نيويوركالأمريكية. وعلى الإثر؛ بات ال8 من فبراير موعداً لتوجيه دعواتٍ للمشاركة في المحادثات. وعزا دي ميستورا قرار التأجيل إلى الرغبة في الاستفادة من محادثات غير مباشرة جرت الأسبوع الماضي في عاصمة كازاخستان آستانا بين وفدٍ من نظام الأسد وآخر من المعارضة المقاتِلة. وشدد لقاء آستانا، الذي رعته روسيا وإيران (داعمتا النظام) وتركيا (أحد داعمي المعارضة)، على تعزيز وقف إطلاق النار الهش ومراقبة مدى التزام الطرفين به. ومنذ ال30 من ديسمبر الفائت؛ تسري في الأراضي السورية هدنة موسّعة بموجب اتفاق برعاية روسية تركية، لكن مع خروقات تتهم المعارضة النظامَ بالمسؤولية عنها. واتفاق الهدنة يستثني تنظيم «داعش» الإرهابي، إذ يتيح توجيه ضرباتٍ له. وتقول موسكو ونظام الأسد إن الاتفاق يستثني كذلك جبهة «فتح الشام» (النصرة سابقاً) المصنّفة أيضاً جماعةً إرهابية. في سياقٍ متصل؛ أفاد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، بأن مسألة إنهاء تجميد المقعد السوري في الجامعة ليست مطروحة حالياً. ولاحظ، في تصريحاتٍ نقلها موقع «فرانس برس»، أن «الوضع السوري ما زال يتسم بالسيولة، وما زال النقاش السياسي بشأن التسوية لم يُستكمَل بعد». وأتى تصريحه رداً على مطالبةٍ من موسكو بإنهاء تجميد المقعد. واعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن إبقاء نظام الأسد خارج منظومة الجامعة العربية «لا يساعد» جهود إحلال السلام. وجاء تصريحه خلال مؤتمرٍ صحفي مشترك أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي بختام أعمال منتدى التعاون العربي الروسي. وشارك في المؤتمر وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وأمين عام الجامعة العربية. وقال لافروف متحدثاً بالروسية «أريد أن أذكّر بأن عدم تمكن الحكومة السورية، وهي عضوٌ في منظمة الأممالمتحدة، من المشاركة في محادثات جامعة الدول العربية لا يساعد الجهود المشتركة». واعتبر أنه «يمكن لجامعة الدول العربية أن تؤدي دوراً أكثر أهمية وفاعلية لو كانت الحكومة السورية عضواً فيها». وعلّق أبوالغيط بالقول إن «مسألة إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة قرار خاضع لإرادة الدول الأعضاء. وإذا نوقش هذا الأمر على مستوى اجتماعات الخارجية أو على مستوى (…) الأمانة العامة؛ فإن الجامعة العربية سوف تنفذ هذا القرار». ورأى أبوالغيط أن «الوضع السوري ما زال يتسم بالسيولة». وقال «إذا ما وضح أن هناك نية صادقة من قِبَل الجميع لتحقيق تسوية سياسية يبدأ تنفيذها وتطبيقها (…) فأعتقد أن مجموعة من الدول سوف تقرر أن تفتح موضوع استئناف العضوية مرة أخرى»، مبيِّناً «هذا الأمر ليس مطروحاً حالياً». وعلقت الجامعة العربية العضوية السورية عام 2011، وبقي المقعد شاغراً في كافة اجتماعاتها.