لليوم الثاني ينتظر عشرات الآلاف من سكان حلب إجلاءهم عن مدينتهم، ومازالت قافلة أولى من الحافلات تنتظر منحها الضوء الأخضر لإخراج دفعة جديدة من المقاتلين والمدنيين المحاصرين في المدينة. وتزامن دخول هذه القافلة شرق حلب أمس مع دخول حافلات إلى بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين والمحاصرتين من الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب المجاورة، تمهيداً لإجلاء أربعة آلاف شخص منهما على مراحل. وقالت وكالة فرانس برس إن آلافاً من السكان كانوا ينتظرون وسط الجوع والبرد منذ الصباح استئناف عملية الإجلاء من حلب بعد تعليقها الجمعة إثر اتهام الجيش السوري الفصائل المقاتلة بخرق الاتفاق، ومن ثم الخلاف بين المفاوضين حول عدد الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم من بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين. ودخلت الحافلات بعد ظهر أمس إلى الأحياء الشرقية، بإشراف الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر «لإخراج من تبقى من الإرهابيين وعائلاتهم إلى ريف حلب الجنوبي الغربي». وبعد ساعات من الانتظار، أكد مراسل فرانس برس مساء أمس أن أكثر من ثلاثين حافلة ممتلئة بالركاب الذين وقف بعضهم وافترش بعضهم الآخر الأرض، كانت مستعدة للانطلاق من حي العامرية في حلب من دون أن تتحرك من مكانها. وقال إن الآلاف وبينهم عدد كبير من الأطفال اضطروا إلى البقاء لساعات في العراء في حي العامرية وسط برد شديد في انتظار قافلة جديدة. ولجأ بعضهم إلى إحراق الثياب والحاجيات التي كانت معهم للشعور بالدفء مع انخفاض الحرارة دون ست درجات مساء. وبحسب الأممالمتحدة، لا يزال نحو أربعين ألف مدني عالقين في حلب وما بين 1500 إلى خمسة آلاف مقاتل مع عائلاتهم. وأكد مصدر قيادي من «جيش الفتح»، ائتلاف فصائل يسيطر على إدلب ويضم جبهة فتح الشام، للصحافيين أمس على أطراف بلدة الفوعة، التوصل إلى اتفاق جديد سيطبق على مراحل. وقال المصدر الذي رفض كشف اسمه، إن «1250 شخصاً سيخرجون من الفوعة مقابل نصف عدد السكان المحاصرين في حلب في مرحلة أولى، على أن يخرج العدد ذاته من كفريا في المرحلة الثانية مقابل النصف الآخر المتبقي من المحاصرين في حلب». وفي المرحلة الثالثة يخرج «1500 شخص من الفوعة وكفريا مقابل 1500 آخرين من مدينتي الزبداني ومضايا» المحاصرتين من قوات النظام وحلفائه في ريف دمشق. والبلدات الأربع الأخيرة محور اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي بين الحكومة السورية والفصائل ويتضمن وقفاً لإطلاق النار، ووجوب أن تحصل عمليات الإجلاء وإدخال المساعدات بشكل متزامن. ويأتي استئناف عمليات الإجلاء من حلب في وقت تتفاقم معاناة المحاصرين من قوات النظام منذ يوليو الماضي. ووصف مراسل الوكالة وضعاً مأساويّاً داخل آخر مستشفى ميداني في شرق حلب، حيث شاهد الجرحى والمرضى ينامون على فرش على الأرض ولا يملكون إلا البطانيات للتدفئة بغياب الطعام والمياه. وقال إن معظم الجرحى مصابون في أطرافهم ولا يقوون على التحرك كما أن عدداً منهم دون مرافقين. وفي نيويورك، يصوت مجلس الأمن الدولي أمس على مشروع قرار قدمته فرنسا ويقترح إرسال مراقبين دوليين للإشراف على عملية الإجلاء من حلب، وهددت روسيا باستخدام حق النقض «الفيتو» ضد المشروع الفرنسي. وقال السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين «لا يمكننا السماح بالتصويت على هذا النص لأنه كارثة». وأضاف تشوركين أن روسيا، الحليفة الرئيسة للنظام السوري، ستقترح مشروعها الخاص لنشر مراقبين في حلب ولكن دون أن يدلي بتفاصيل. وسبق أن لجأت موسكو إلى الفيتو ضد ستة قرارات في شأن سوريا منذ بدء النزاع في مارس 2011. ويقترح المشروع الفرنسي أن يعمل الأمين العام بان كي مون سريعاً على نشر طاقم إنساني أممي في حلب موجود أصلاً في سوريا «للسهر في شكل ملائم ومحايد ومباشر» على «إجلاء المحاصرين في حلب».