أكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، أن القانون الأمريكي الذي يلغي مبدأ الحصانة السيادية أثار استغراب المملكة والمجتمع الدولي كونه يلغي أهم المبادئ التي قام عليها النظام الدولي، ما سيترتب عليه تبعات سلبية للغاية لن يقبلها المجتمع الدولي. وذكَّر ولي العهد بأن المملكة كانت من أوائل الدول التي أدانت أحداث ال11 من سبتمبر 2001 الإرهابية، مُعبِّرةً عن تضامنها الكامل مع الولاياتالمتحدة ومسخِّرةً كافة الإمكانات للمساعدة في تعقُّب الفئة الإجرامية لاجتثاثها وتخليص العالم من شرورها. وأفاد الأمير محمد، في كلمةٍ ألقاها أمس في الدورة السنوية ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتمكُّن الأجهزة الأمنية السعودية من الكشف عن 268 عملية إرهابية وإحباطها قبل وقوعها، بما في ذلك عمليات كانت موجَّهة ضد الدول الصديقة. وأشار إلى إيلاء المملكة أهمية قصوى لمحاربة الإرهاب. وأوضح «كانت (المملكة) من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب منذ أمد بعيد، حيث تعرَّضت منذ عام 1992م إلى أكثر من 100 عملية إرهابية، منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيمياً بدولة إقليمية». في شأنٍ آخر؛ دعا ولي العهد السلطات الإيرانية إلى القيام بواجباتها وفق مقتضيات القانون الدولي؛ وأن تكون علاقتها مع دول المنطقة قائمة على حسن الجوار. يطيب لي في البداية أن أهنئ معالي السيد/ بيتر ثومسون لانتخابه رئيساً للدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة، متمنياً له التوفيق في أداء مهامه. السيد الرئيس: لقد بذلت المملكة منذ مشاركتها في تأسيس الأممالمتحدة جهوداً كبيرة لتحقيق المقاصد السامية التي نتطلع إليها جميعاً. وتواصل اليوم جهودها الخيّرة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للمساهمة في إحلال السلام وإرساء الأمن والاستقرار، ليس في منطقتنا فحسب بل في أرجاء المعمورة. وتولي المملكة أهمية قصوى لمحاربة الإرهاب، وقد كانت من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب منذ أمد بعيد، حيث تعرَّضت منذ عام 1992م إلى أكثر من 100 عملية إرهابية، منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيمياً بدولة إقليمية. وعملت المملكة على إبرام اتفاقية بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وخاضت ولا تزال تخوض حرباً لا هوادة فيها على التنظيمات الإرهابية. كما قامت بإصدار أنظمة وإجراءات وتدابير تجرِّم الإرهاب وتمويله، وانضمت إلى أكثر من 12 اتفاقية دولية، كما أنها وبالشراكة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وجمهورية إيطاليا ترأسُ مجموعة عمل التحالف لمكافحة تمويل تنظيم داعش، وفي إطار تصحيح الفكر المنحرف أنشأت مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، كما أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى بتحريم الإرهاب وتمويله، والانضمام للتنظيمات الإرهابية. السيد الرئيس: إن المملكة هي بلد الحرمين الشريفين، وفيها قِبلة المسلمين، ومن أرضها انطلقت تعاليم الإسلام -دين السلام- الذي يدين به أكثر من مليار و500 مليون نسمة. وقد كانت من أوائل الدول التي أدانت وشجبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية وعبَّرت عن تضامنها الكامل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وسخَّرت كافة إمكاناتها للمساعدة في تعقُّب هذه الفئة الإجرامية لاجتثاثها وتخليص العالم من شرورها. كما تمكَّنت أجهزة المملكة الأمنية -ولله الحمد من الكشف عن 268 عملية إرهابية وإحباطها قبل وقوعها، بما في ذلك عمليات كانت موجهة ضد الدول الصديقة. ولقد أثار استغراب المملكة والمجتمع الدولي إصدار قانون في الولاياتالمتحدةالأمريكية يلغي أهم المبادئ التي قام عليها النظام الدولي وهو مبدأ الحصانة السيادية، مما سيترتب عليه تبعات سلبية بالغة لن يقبل بها المجتمع الدولي. إن محاربة الإرهاب مسؤولية دولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود الدولية على جميع الأصعدة لمواجهته أمنياً وفكرياً ومالياً وإعلامياً وعسكرياً، ونؤكد أن ذلك يتطلب التعاون وفقاً لقواعد القانون الدولي والمبادئ التي قامت عليها الأممالمتحدة، وفي مقدمتها مبدأ المساواة في السيادة. وتنوِّه المملكة بدور التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي تم تأسيس مركزه في الرياض من قِبَل 40 دولة إسلامية، وقدَّمت له المملكة كافة التسهيلات والدعم اللازم ليقود التحرك الجماعي للدول الأعضاء لمحاربة الإرهاب، كما تأمل في مشاركة المجتمع الدولي في دعم المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وتفعيله تحت مظلة الأممالمتحدة، الذي قدَّمت له المملكة دعماً بمبلغ 110 ملايين دولار. السيد الرئيس: إن ما يتعرَّض له الشعب الفلسطيني من مآسٍ يستوجب من المجتمع الدولي اتخاذ كافة التدابير لوقف معاناة هذا الشعب الصامد. وتؤكد المملكة أن المبادرة العربية للسلام هي الأساس لإحلال سلام شامل ودائم وعادل في المنطقة بما يمكِّن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. كما تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى واقتحام ساحاته، وما تقوم به السلطات الإسرائيلية من حفريات تهدد سلامة المسجد الأقصى. السيد الرئيس: لقد وقفت دول التحالف لدعم الشرعية إلى جانب الشعب اليمني الشقيق، حينما قررت فئة قليلة مدعومة من قوى خارجية إخضاع هذا الشعب العزيز بقوة السلاح. كما أعرب المجتمع الدولي عن رفضه التام لما قام به الإنقلابيون، ونود التأكيد على أن المملكة تؤيد بشكلٍ تام مساعي مبعوث الأمين العام للوصول إلى حل سياسي، الذي قدَّم مقترحاً متوازناً وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (2216) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني. وقد تم قبول هذا المقترح من الحكومة الشرعية، ورفضه الانقلابيون الذين ما زالوا يقتلون ويحاصرون أبناء الشعب اليمني ويهاجمون حدود المملكة ومدنها وقراها بالصواريخ الباليستية ويتسببون في قتل وجرح المدنيين.والمملكة هي أكبر داعم للعمليات الإنسانية في اليمن. وبشكل عام؛ فقد وصل ما قدمته المملكة من مساعدات إنسانية وإنمائية إلى 95 دولة ما يقارب 2% من دخلها، فضلاً عن الاهتمام البالغ الذي توليه للعمل الإنساني، الذي كان من ثمراته إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. السيد الرئيس: إن الصراع في سوريا الشقيقة، الذي خلَّف مئات الآلاف من الضحايا والمصابين وشرد الملايين، يدعونا جميعاً إلى الإسراع في وضع حد لهذه المأساة الفظيعة، التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها، لقد حان الوقت لإيجاد حلٍّ سياسي للأزمة يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها من خلال تنفيذ مقررات جنيف (1). ولقد فتحت المملكة أبوابها لإيواء مئات الآلاف من الشعب السوري الشقيق منذ بدء الأزمة، ليس بصفتهم لاجئين في مخيمات، بل تعاملت معهم من منطلقات أخلاقية وأخوية وإنسانية حفاظاً على كرامتهم وسلامتهم، ومنحتهم كل التسهيلات اللازمة، والرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل، والتعليم. وبالنسبة للشأن الليبي؛ فإننا ندعو الأشقاء إلى السعي لاستكمال بناء الدولة من جديد، والتصدي للجماعات الإرهابية. وفيما يتعلق بالوضع في العراق؛ فإننا نؤكد على أهمية الحفاظ على وحدة العراق، وسلامة أراضيه، وتخليصه من جميع التنظيمات الإرهابية، ونشجب أي أعمالٍ تؤدي إلى العنف الطائفي والفُرقة. السيد الرئيس: لقد تعرَّضت سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد في يناير الماضي للاقتحام والاعتداء، تحت مرأى السلطات الإيرانية التي لم تقُم بواجبها في توفير الحماية الكافية وفق الاتفاقيات الدولية الملزمة. وندعو السلطات الإيرانية للقيام بواجباتها في هذا الشأن وفق مقتضيات القانون الدولي، وأن تكون علاقة إيران مع دول المنطقة قائمة على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث. السيد الرئيس : إننا نؤكد على ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وكافة أسلحة الدمار الشامل، وعلى أهمية تحديد موعد لانعقاد المؤتمر الدولي لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. السيد الرئيس: إن المملكة ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها وضمانها وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية، وتعبر المملكة عن رفضها لاستغلال حرية الرأي في إهانة وازدراء الأديان، وتجدد توصيتها بأهمية تبني قوانين تجرِّم ذلك. السيد الرئيس: تدعو المملكة إلى تبني سياسات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يجب أن لا تتحيز ضد أي مصدر من مصادر الطاقة، وأن يتم النظر إلى هذه المصادر على أنها مكمِّلة -وليست بديلاً- لبعضها بطريقة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للجميع. ونشير في هذا الخصوص إلى أن المملكة استثمرت في تطوير تقنيات جديدة لحجز وفصل الكربون ضمن جهودها للمحافظة على البيئة. كما أننا ننوه بأهمية خطة التنمية المستدامة لعام 2030م التي أقرَّتها الجمعية العامة العام الماضي، وقد أطلقت المملكة رؤيتها (2030) التي تستند إلى المرتكزات الأساسية المتمثلة في العمق العربي والإسلامي والموقع الجغرافي الاستراتيجي والقوة الاستثمارية، وتهدف الرؤية إلى النهوض باقتصادها، وإحداث نقلة نوعية في قطاع الطاقة والصناعة والخدمات الصحية والتعليمية والسياحية وغيرها، مما يحقق زيادة في الصادرات غير النفطية، وإيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين، بالإضافة إلى فتح المجال بشكل واسع للقطاع الخاص من خلال تشجيعه ليكون شريكاً رئيساً مع الدولة في توفير فرص العمل للمواطنين، وتقديم الخدمات المتطورة في كافة القطاعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والإسكان. السيد الرئيس: لن تألو المملكة جهداً في العمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية، وسوف تستمر في أداء دورها الإنساني والسياسي والاقتصادي، ودعمها الجهود المتواصلة لإدخال الإصلاحات اللازمة على أجهزة الأممالمتحدة، والمملكة على ثقة بأن الأممالمتحدة ستكون قادرة على الاستجابة بفاعلية لتحديات الغد، ولتنعم الأجيال المقبلة -بحول الله- بالسلام والأمن والاستقرار والازدهار.