يا للفرح حين يتزوج اثنان.. يا للأسف حين تكون المهور متاجرة وحفلات الزواج مفاخرة. يا للأسف حين يستهل الزوج ليلة عمره بديون وذمته مرهونة لدى البنوك لخمسة أعوام من أجل تسديد تكاليف تلك الليلة، حتى أصبح حلم الزواج كابوساً وشبحاً يطارد الأهالي، مما زاد نسبة العنوسة والديون والطلاق والتأخر في الزواج، فقد بلغت العنوسة في بلدنا 1.4 مليون فتاة و600 ألف شاب، بينما نسبة الطلاق تجاوزت 33%. يا للأسف حين تكون ليلة العمر أشبه بانتحار اقتصادي، ننجرف وراء تيار الإسراف والتفاخر والتباهي حتى استنزفت ما في الجيوب بمبالغ فلكية، ففي محافظة جدة لامست فاتورة حفلات وتكاليف الزواج سنوياً أكثر من 500 مليون ريال، وفي ليلة زواج واحدة لا تزيد مدتها على ساعات قليلة كانت تكلفة حفلة الزواج على الجميع قرابة 500 ألف ريال، بمعدل 3 إلى 4 الآف ريال تكلفة حضور الفتاة الواحدة للزواج، ناهيك عن التكاليف الأخرى والعبث بالنعم وما وصلت إليه اكتشافات النساء في عالم الكوشة والزفة والأطعمة، وما يصاحب الزواج من حفلات أخرى قبل وبعد ليلة الزفاف وكأنها أشبه بفعاليات في مهرجان. ولو منحت تلك النفقات للزوجين لكفتهما مدة من الدهر، أو اقتصرا على زواج مختصر لكان أوفر وأقرب لرأي الغالبية، ففي استطلاع للرأي قمت به في «تويتر» شمل أكثر من 400 شخص من الجنسين عن فكرة الزواج العائلي فكانت نسبة التأييد 80%.. فمال المانع من إقامته؟! هذا وأكثر.. لكن في هذا المقال لن نسترسل في الشكوى فكلنا اشتكى ويشتكي من تلك المظاهر والتكاليف، فما زال الجهل يحيط بنا والعادات والتقاليد تحكمنا وتقيدنا، فمن يعلق الجرس ويبادر بالتغيير؟! يا للفرح حين تسمع وتقف على مبادرات وبدايات ناجحة لأهالي وعائلات اتفقوا وقرروا ونفذوا ولم يكتفوا بالشكوى، فلهم منا التحية والتقدير على التكاتف والتعاون والتكافل والتكامل التي عادت عليهم بالنفع والبركة. وحري بنا أن نقتدي بهم، فمن تلك المبادرات مبادرة كريمة ذكرها لي صديق عن قبيلتهم في خميس مشيط يزيد تعداد الذكور فيها على 500 رجل اتفقوا وطبقوا تحديد المهر ب40 ألف ريال، ثم على كل شاب متزوج ميسور الحال أن يدفع للعريس مبلغ 50 ريالاً كحد أدنى تجمع له ويسلم إياها، ناهيك عن التنسيق لمواعيد الزواج بحيث تكون في فترتين لبضعة أيام، بداية الإجازة الصيفية ونهايتها، دعماً للزواج الجماعي وللحد من تردد وسفر الناس، أما المكان فبادرة أخرى فجميع الزواجات تقام في استراحة خاصة للقبيلة تم إنشاؤها بدعم من رجالهم الأوفياء لهم ولأجيالهم. وبادرة أخرى في الظهران تشرفت بحضور أكثر من زواج مختصر أو عائلي لشباب من القبيلة وبعض الأصدقاء وكانت الحفلات تتم في البيت وبعضها في استراحة، فكانت أدعى للراحة والبعد عن الرسمية ولم تنقص الفرحة والسعادة. وبادرة أخرى في محافظة تمرة، قام رجل أعمال بالتبرع بمليون ريال لإنشاء قصر أفراح وفاءً لمحافظته وأهلها، وبادرة أخرى لإحدى الاستراحات تقوم بالتنسيق مع أهل الزوج وجمعية خيرية للاستفادة من باقي الطعام. أخيراً: نختم المقال باقتراح لوزارة الشؤون الاجتماعية، ماذا لو أنشأت الوزارة مشكورة صالة أفراح متواضعة في كل محافظة ويتم تأجيرها بمبلغ رمزي دعماً لتيسير الزواج. دامت أيامنا جميعاً بالأفراح والمسرات.