في لحظة استثنائية حاسمة تحول فيها الجرح إلى سكين والألم إلى قنبلة تحركت ألكتله الحرجة من الشعب لتقول لا... بعد عشرات السنين من كلمة نعم، كانت الشعوب العربية ترقص رقصة الموت بالدم الساخن، وسقطت ورقة التوت عن الجسد الموبوء ليتغير وجه العالم العربي في 2011 ويختفي أبطال مسلسلات القتل والقهر والاستبداد. كنت اسأل نفسي من زمن بعيد ما هي التركيبة النفسية للدكتاتور وكيف يفكر وكيف يعيش كانسان مزور. وأدركت الآن أن الدكتاتورية احد منتجات الغباء الفطري والتدهور العقلي فضلا عن الجهل بحركة التاريخ . أن الدكتاتورية مجموعة من الصفات القبيحة والأمراض المتقيحة تجتمع مثل البكتيريا في المياه الآسنة لتكون منتجاً صعب التقليد هو الدكتاتور الدموي الذي يتلذذ بسحق الإنسان وسحله ،ويزيد مع الأيام شراسة وفساداً .و يصور له خياله أن روح الشعوب يمكن أن تموت وان الثناء الممجوج والتطبيل المجنون مشاعر حقيقية ! ولو كان يمتمتع بقدر ضئيل من الذكاء لأدرك الواقع وهرب بأقل الخسائر ولو قرأ التاريخ لعرف النهاية وعرف إنها سنة باقية ومتكررة. ثم إذا أدرك انه سقط خرج ليؤدي مشهداً عاطفيا ليقول انه ديمقراطي وانه يفهم الشعب ! وأنه يقدس الحرية وكان الأولى أن يعترف انه مجرم حين صادر حرية الشعب . الذين ثاروا في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن ليسوا أحزاباً سياسية ولا مؤسسات، لكنهم أفراداً قاموا بثورة حقيقية ضد الظلم والقهر والفساد كسروا الحواجز النفسية فتهاوت الأنظمة المبنية من أشلاء وشعارات.