أوقفت «جامعة ترامب» كافة نشاطاتها منذ 6 سنوات تقريباً، لكنها تُشكِّل اليوم زاويةً يسدِّد المنافسون الجمهوريون عبرها هجماتٍ تبدو يائسةً ضد دونالد ترامب. ويواجه ترامب، وهو متصدِّر سباق الحزب الجمهوري نحو البيت الأبيض، دعاوى بتهمة «الاحتيال» في قضية الجامعة. ومن الإعلانات السلبية إلى الانتقادات المباشرة؛ تكثَّف استخدام هذا الجدل الذي يُفترَض أن يحيل قطب العقارات أمام المحاكم لتقويض نزاهته؛ في وقتٍ يحرز فيه انتصاراً تلو الآخر في الانتخابات التمهيدية لحزبه. وقال عنه منافسه السيناتور، ماركو روبيو، في المناظرة الجمهورية الأخيرة «إنه يحاول أن يفعل بالأمريكيين ما فعل بالذين تسجَّلوا في جامعته». لكن قطب العقارات لم يفوِّت فرصةً لشنِّ هجومٍ مضاد، متمسكاً ببراءته ومتعهداً بإلحاق الهزيمة بالجهات المدَّعية في القضية. وشدَّد ترامب مساء الثلاثاء الماضي «سنفوز في هذا الملف» بعد إحرازه سلسلة انتصاراتٍ في الانتخابات التمهيدية لحزبه. وبرزت قضية الجامعة في 2010 عند رفع دعوى جماعية في سان دييجو في كاليفورنيا، تلتها أخرى في 2013 بُعيدَ الإعلان عن بدء وزير العدل في ولاية نيويورك، الديمقراطي إريك شنايدرمان، ملاحقاتٍ بحقِّ ترامب. آنذاك؛ اتُهِمَ الأخير الذي كان يقدِّم برنامج «ذي إبرنتيس» (المتدرِّب) بالاحتيال على حوالي 5000 شخص من خلال الجامعة التي أسَّسها في أكتوبر 2004 وأوقفت نشاطاتها كافةً في أغسطس 2010. ولم توفِّر هذه المؤسسة الربحية أي شهادات، إنما قدَّمت محاضراتٍ تموِّلُها جهاتٌ راعيةٌ يُفترَض أن تكشف «أسرار نجاح» ترامب و»اتضح لاحقاً أنها فارغة المضمون»، بحسب إحدى الدعاوى الجماعية. وصرَّح شنايدرمان لاحقاً بأن «ترامب استغل شهرته وظهر في إعلاناتٍ لقطع وعود فارغة وإقناع الناس بإنفاق عشرات آلاف الدولارات». بوب جويلو هو أحد الذين أغواهم صيت رجل الأعمال الجمهوري، فأنفق المتقاعد البالغ 76 عاماً حوالى 35 ألف دولار في 2009 لمتابعة حصص تدريب، آملاً في التحول من شخص بسيط إلى رجل أعمال ناجح، على ما روى لوكالة «فرانس برس». وشرح جويلو «من المحاضرة الأولى أدركت أنه خداع؛ لأنهم حاولوا بيعي برنامجاً آخر مقابل 9000 دولار»، على ما أكد في حديث هاتفي. وأوضح «لم يكن تدريباً سيئاً فقط، بل احتيالاً خالصاً!». كذلك؛ تشعر كاثلين ميز، وهي إحدى المدعيات، بالندم لشرائها حزمة «ترامب جولد إيليت» على أمل إحراز ثروة في قطاع العقارات. وكتبت السيدة المتحدرة من نيويورك، وهي أمٌ لطفلٍ مصابٍ بمتلازمة داون، في إفادة رسمية تحت القسم في 2012 «تلقَّى ترامب 25 ألف دولار من أموالي، مقابل 25 ألف دولار حصلتُ على اشتراكٍ لمدى الحياة في لا شيء». ويؤكد أصحاب الشكاوى أنه على عكس المعلن؛ لم تقم الجامعة باختيار أي من الأساتذة بعناية؛ إذ افتقر كثير منهم إلى الخبرة. كما لم تكشف الحصص أياً من تقنيات الاستثمار التي يعتمدها المرشح الجمهوري، واتضح أن لائحة الممولين «المميزين» ليست سوى نسخة عن لائحة وردت في مجلة تعنى بالتجارة، بحسب المدعين. ووفق إفاداتهم؛ لم يردّ الأساتذة على الاتصالات الهاتفية أو البريد الإلكتروني، فيما فشل الطلاب في إبرام صفقات عقارية أو خسروا مدخراتهم كاملة أو باتوا مديونين بآلاف الدولارات. وعبَّر معسكر المرشح الجمهوري الأوفر حظاً للرئاسة عن رؤية مختلفة جذرياً للأحداث. وأكد محاميه جيفري جولدمان «سجَّلنا نسبة رضا بلغت 98%»، مقارناً المدعين ب «النحل الذي يجذبه العسل» لرغبتهم في استرجاع أموالهم. وأُرفِقَت بملف الدفاع عدة إفادات صيغت تحت القسم وضمَّت شهادات متحمسة لطلاب قدماء. وكتبت ميتي نيلسن المقيمة في فلوريدا في 2012 أن «الجامعة وفَّرت لي ما كنت أحتاجه من معلومات أساسية وإلهاماًُ وحافزاً لأخوض مجال الاستثمار العقاري». وبحسب المحامي؛ لا يشعر موكِّله بذرَّة خوف إزاء محاكمته المقبلة، ولا يسعه الانتظار «كي يكشف وزير عدل ولاية نيويورك إثباتاته أمام محكمة لا في الصحف». وبعد فوزه الانتخابي الثلاثاء؛ تطرق المرشح إلى القضية، مؤكداً انتصاره في ملف الجامعة، وخاطب أنصاره بقوله «إذا أصبحت رئيساً، فستفتح عائلتي الجامعة، لدينا كثير من الأشخاص الرائعين الراغبين في العودة إليها». ولم يتوانَ ترامب عن الاستفزاز؛ حيث اتهم القاضي الكاليفورني المكلَّف بالملف والمتحدر من أصول لاتينية بأنه يُكنُّ له ضغينة شخصية.