رفضت المعارضة السورية إدراج أطرافٍ جديدةٍ على طاولة المفاوضات المرتقبة مع النظام، فيما جدَّدت الدعوة إلى ربط العملية السياسية برفع الحصار ووقف القصف الجوي. وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن مؤتمر السوريين في الرياض، تسمية العميد المنشق، أسعد الزعبي، رئيساً للوفد المفاوض، والسياسي المسيحي، جورج صبرا، نائباً له، وممثل فصيل «جيش الإسلام» المتركز في ريف دمشق، محمد علوش، كبيراً للمفاوضين. وأكد منسق الهيئة، رياض حجاب، خلال مؤتمر صحفي أمس في العاصمة السعودية اختيار أعضاء الوفد المفاوض وفق معايير دقيقة. ويُفترَض جلوس الوفد إلى آخر من النظام في جنيف السويسرية في ال 25 من يناير المقبل، وسط محاولاتٍ من المجتمع الدولي للحيلولة دون إرجاء الموعد. وشدد حجاب، وهو رئيس وزراء أسبق انشق عن الأسد، على وجوب اقتصار العملية التفاوضية على «مَنْ رأت الهيئة أنه يمثِّل وفدها». وأشار إلى ما سمِعَته الهيئة عن «تدخلات خارجية وتحديداً تدخلات روسية ومحاولات لزجّ أطراف أخرى في وفدنا»، مُبيِّناً «موقفنا واضح ولن نذهب للتفاوض إذا ما تمت إضافة وفد ثالث أو أشخاص». وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد رفض أمس الأول أي ضغط خارجي على المعارضة السورية، واعتبرها «الجهة الوحيدة التي تستطيع تحديد مَنْ يمثِّلها في المباحثات»، واصفاً اللجنة العليا المنبثقة من مؤتمر الرياض ب «الجهة المعنية بتحديد الممثلين»، مؤكداً «لا يجوز لأي كان أن يفرِض على المعارضة مَنْ سيمثلها في المباحثات». وأتت تأكيدات الجبير غداة إعلان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، إرجاء توجيه الدعوات للمباحثات لحين «اتفاق الدول التي تقود العملية حول مَنْ ستُوجَّه لهم الدعوة من المعارضة». وكانت دول معنيَّة بالأزمة قد اتفقت بالعاصمة النمساوية فيينا في نوفمبر الماضي على خطواتٍ للتوصل إلى حل للنزاع المستمر منذ قرابة خمسة أعوام يشمل جمع الطرفين حول طاولة واحدة. وجمعت السعودية في ديسمبر الفائت أطيافاً مختلفة من المعارضة السورية السياسية والعسكرية في مؤتمرٍ تمَّ التوصل خلاله إلى رؤيةٍ مشتركةٍ للتفاوض تشترط رحيل الأسد عن السلطة مع بدء المرحلة الانتقالية. وطالبت المعارضة في حينه بخطوات ملموسة قبل التفاوض كوقف القصف الجوي، وفك الحصار عن المدن والبلدات والإفراج عن المعتقلين. ونبَّه حجاب خلال المؤتمر الصحفي إلى أهمية توفير مناخ ملائم وأرضية ملائمة للعملية السياسية. واعتبر أنه «لا يمكن أن نذهب إلى التفاوض وشعبُنا يموت من الجوع وتحت القصف بالأسلحة المحرمة دولياً»، وانتقد «القصف الروسي على المدارس والمواقع المأهولة بالسكان» حسب تعبيره. وبدأت روسيا في ال 30 من سبتمبر الماضي تنفيذ ضرباتٍ جويةٍ في سوريا تقول إنها تستهدف «الإرهابيين». وتوقع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في تصريحاتٍ أمس من زيوريخ السويسرية عقد المفاوضات الشهر الجاري واستغراقها وقتاً طويلاً. في غضون ذلك؛ أثار تضييق تنظيم «داعش» الحصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الأسد في مدينة دير الزور (شرق سوريا) ذعراً بين السكان. ويخشى السكان الأسوأ بعد مقتل العشرات في الهجوم الأخير للتنظيم وخطف مئات المدنيين. وشنَّ مسلحو «داعش» الإرهابي هجوماً على مواقع النظام في المدينة السبت الماضي، واعتقلوا مئات الأشخاص، لكنهم أفرجوا خلال الساعات الماضية عن 270 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال. ومنذ العام الماضي؛ يحتل التنظيم مجمل المحافظة، التي تحمل الاسم نفسه باستثناء أجزاءٍ من المدينة (مركز المحافظة) والمطار العسكري المحاذي لها. وبعد هجومه الأخير؛ احتلَّ ضاحية البغيلية المعروفة بإنتاجها الزراعي، وشدَّد الحصار على الأحياء الواقعة في وسط المدينة، التي يعيش فيها حوالي 200 ألف شخص وغربها وجنوب غربها. ووفقاً للأمم المتحدة؛ فإن 70% من السكان القاطنين في المناطق المُحاصَرة هم من النساء والأطفال. ووصف عطية، أحد السكان، الوضع ب «صعب جداً» و»يزداد صعوبة حتى إن المواد التموينية والخضار باتت نادرة»، مبلِغاً عن «مشكلة في تأمين مادة الخبز». وأوضح «الناس خائفون نظراً لاتهام داعش لهم بانتمائهم إلى الدولة، وسقوط مدينتنا قد يؤدي إلى وقوع مجزرة». وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 85 مدنياً منذ السبت مقابل 120 من جنود الأسد وسبعين مهاجِماً. وتتواصل المعارك في المدينة وسط مخاوف المدنيين. و«من أصل 400 مدني اختطفهم المهاجمون؛ تم احتجاز 130 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 15 و55 عاماً للتحقيق معهم في علاقتهم بحكومة دمشق»، بحسب المرصد. أما المُفرَج عنهم، وعددهم 270 شخصاً، فلن يعودوا إلى دير الزور «بل سيتم توزيعهم على العشائر في المحافظة»، كما قال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن. وخلال الساعات ال 24 الأخيرة؛ نفذ عناصر التنظيم حملة تفتيش ومداهمات في البغيلية اعتقلوا خلالها ما لا يقل عن خمسين رجلاً وشاباً لم يُعرَف مصيرهم بعد. وتحدث غالب الحاج حمدو (23 عاماً)، وهو طالب جامعي، عن مخاوفه من «حصول مجزرة في حال اجتاحت داعش مناطقنا». ومنذ حوالي عام؛ يغلق المتطرفون المنافذ المؤدية إلى أجزاء واسعة من المدينة «ما أسفر عن نقص كبير في المواد الغذائية والخدمات الأساسية»، بحسب الأممالمتحدة. وأفادت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي، ليندا طوم، ب «تلقِّي تقارير جديرة بالمصداقية حول إعدام وخطف واعتقال مدنيين بينهم أشخاصٌ كانوا يحاولون إدخال مواد غذائية سرَّاً إلى المدينة». ولاحظ مكتب الشؤون الإنسانية في مذكِّرةٍ نُشِرَت قبل بدء الهجمات الأخيرة اعتماد غالبية سكان دير الزور بشكل أساسي على الخبز والماء.