يعتبر أخطر وأكبر وأشمل من شخصية أي «رجل»، وهو أمهر وأقدر وأكمل من شخصية أية «امرأة »، ليس بالمعنى البيولوجي، ولكن بالمعنى «البوليتيكو/مثيولوجي»، فهو كائن «غرائبي» و«أسطورة» اجتمعت فيه وعلى نحو «خارق» كل الوجوه والمميزات «الثعلبية» و«الذئبية» و«التمساحية» و«العقربية» و«النمسيّة» و«الثعبانية». ولأنه كان يقرأ الحياة بغير ما يقرأون، وكانت أحلام يقظته تختلف عما يفكر به الآخرون، فلا يمكن التكهن بما ترمي إليه أيّ من أفعاله وانفعالاته، وبأيها يمكن أن يؤثر على الناس. يصر على أنه لبناني على الرغم من أن المادة الأولى في دستور حزبه أنه يأخذ كل القرارات السياسية والروحية والدينية من المرشد الأعلى الإيراني، وولاؤه المطلق للمال الإيراني «النظيف». هذه الشخصية ليست لمخلوق «خرافي»، فنحن هنا لا نتحدث عن شخصيات القرون الوسطى حيث سادت الشخصيات «الأسطورية»، وإنما نحن نتحدث عن شخصية واقعية، بدأ نجمها بالظهور عندما قرر الإيرانيون أن يستخدموا القضية الفلسطينية مدخلاً للعالم العربي فولد عام 1982 «حزب الله» مشروعاً وبرنامجاً وأهدافاً؛ لأن العرب المحبطين كانوا وقتها مستعدين «لتقبيل» أي رأس يرفع علم فلسطين، فسار بعضهم خلف هذا التنظيم الإيراني، الذي صُنع في إيران، وجُمع في لبنان كحبوب الكبتاجون وكجزء من أدوات الصراع الإقليمي المتعدد الأقطاب. هذه الشخصية لقائد «محنك» روّض أفراد حزبه على ثقافة القطيع سلوكاً يومياً لا مناص منه، ونقلهم إلى الحراك والنشاط البنّاء بأموال إيرانية وسورية، بتنا نشعر بنقص في حياتنا إن لم تكتحل عيوننا برؤية طلته «البهية» على القنوات الفضائية وتصم آذاننا بسماع خطبه «العمصاء» التي تنتهك الإنسانية والشرعية التي لا نعرف من أين استمدّها وكيف!؟. وبقوة المال الإيراني أو بقوة الترهيب الشرعي. بات أتباعه مجرد «أوعية» بشرية، مجرّد «أوعية»، زرع في أعلى زواياها «مجسّات» آلية لطموحاته في امتلاك الدنيا والآخرة، بينما هو «وعاء» أكبر زرعت إيران في قاعه «مجساً» أكبر لتنفيذ طموحاتها ورغباتها في العالم العربي، وفي أعلى «الوعاء» قنبلة مبرمجة أن تنفجر تلقائياً إن خرج فيها عن الخط الذي رسمته له. فهو مثل الساعة «السويسرية» الأصيلة، وهنا لا أعني أنه مضبوط إلى هذه الدرجة من المبالغة ولكنني عنيت أنهُ [لايُقّدِم ولا يُؤخِر]!. إلا بمباركة إيرانية. أطلق «كلاب» صيده «المجوّعة» عمداً و«المدرّبة» عمداً على «فرائس» مختارة من جسد الوطن السوري حتى أثخنتها بالجراح وانتابها العجز في الدفاع عن نفسها، فأكلت منها ما طاب لها، فيما تُلاعب «كلاب» الصيد أذنابها بما بقي وراءها، وصار يتحدث فيها عن فروسية الصّياد وحق موت الفريسة في عجزها عن الدفاع عن نفسها في طقوس صيد بشري بلا مواسم ولا قيود. والآن أيها القارئ الكريم، ومن موقعك تحت مرمى فوضى الشخصيات وتشتت الآراء حولها، جرّب أن تغمض عينيك وتتخيل هيئة هذه الشخصية التي ليس هناك غير شخص واحد يستحق أن تنطبق عليه هذه الصفات بدون أي منافس. فإن لم تتجلَّ أمامك الصورة، فاعلم أنك إمّا أعمى البصيرة، أو أنني لم أعط تلك الشخصية حقها من الأوصاف التي شغلت الناس، وأصبحت مثلا يضرب في قصص «الخرافات»، ويتداولها السياسيون قبل العامة في كل محفل ومجلس ومجمع بشيء من الإعجاب المعجون بالدهشة والاستغراب.. إنه (حسن نصر الله) صورة الهذيان وتفاصيل الخذلان.