أعلنت واشنطن أنها ستبدأ محادثات عسكرية عن بُعد مع موسكو لتجنب الصدام بين قواتهما في سوريا، فيما توالت شهادات من معارضين لبشار الأسد وخبراء تفيد باستهداف الطيران الروسي لليوم الثاني مواقعَ لا تمتُّ إلى تنظيم «داعش» الإرهابي بصلة. وربط مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بين الحوار مع الروس ومحاولة تجنب أي مواجهة. ويُفترَض أن تكون المحادثات العسكرية بين البلدين بدأت في تمام ال 3 من مساء أمس بتوقيت جرينتش عبر تقنية الاتصال ب «الفيديو كونفرانس» بمشاركة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى بينهم مساعدة وزير الدفاع بالنيابة لشؤون الأمن الدولي، إيليسا سلوتكين، وممثِّل بارز عن رئاسة أركان الجيوش. ورهان هذه الخطوة هو وضع آليات لتبادل المعلومات تفادياً لأي صدام بين الطائرات الروسية ونظيرتها التابعة للتحالف الدولي بقيادة أمريكية. وبلغ التدخل العسكري لموسكو في سوريا ذروته أمس الأول بشنِّ طائرات روسية 20 غارة على أهداف يقول معارضون للأسد إنها مدنية أو عسكرية غير تابعة للإرهابيين. ويُتوقَّع أن تكون المحادثات بين واشنطنوموسكو معقدة بسبب الخلافات الاستراتيجية بينهما، إذ تصرُّ الأولى على رحيل الأسد وتربط إبعاده عن السلطة بتسهيل مهمة مواجهة المتشددين، وهو ما ترفضه الثانية. وأفاد الجيش الروسي في بيانٍ له أمس الخميس بشنِّه ضربات ليلية جديدة على 4 مواقع لتنظيم «داعش» في محافظات إدلب وحماه وحمص السورية. وجاء في البيان أن «8 طلعات جوية جديدة نفذتها مقاتلات سوخوي 24 و25 ليل الأربعاء – الخميس ما أسفر عن تدمير مقر قيادة مجموعات إرهابية ومخزن أسلحة في منطقة إدلب (شمال) ومشغلاً لصنع سيارات مفخخة في شمال حمص (وسط)». وأشار البيان إلى قصف الطائرات أيضاً مركز قيادة للمقاتلين في منطقة حماه (وسط). وكل الضربات نفذتها طائرات منتشرة في قاعدة جوية في مطار اللاذقية (شمال غرب). وأفادت مصادر أمريكية بنشر الروس 32 طائرة مقاتلة من بينها قاذفات قنابل ومطاردات سوخوي في مطار تم تحويله إلى قاعدة عسكرية قرب اللاذقية. وتتزايد التساؤلات عن طبيعة تصنيف موسكو للجماعات المسلحة المناهضة لحكومة دمشق. علاوةً على ذلك؛ تحدَّث أكثر من مصدر عن استهداف الحملة الجوية الروسية أحياء سكنية ما أسفر عن مقتل مدنيين بينهم أطفال ونساء، فيما قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إنه لم يتلّق أي معلومات عن مقتل مدنيين، وتعهد ب «الاجتهاد لشن ضربات محددة الأهداف». وصرَّح لافروف بأنه أبلغ نظيره الأمريكي، جون كيري، بكل صدق ب «تدخل بلادنا بطلب من الرئاسة السورية ضد تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى حصراً»، مؤكداً أنه لا يعدّ الجيش الحر مجموعة إرهابية. وجاءت أعنف الانتقادات الموجهة لروسيا من «البنتاجون»، إذ توقع وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر فشل هذه الحملة إذا ركزت على هدف واحد هو الدفاع عن الأسد. ورجح أن تكون طائرات سوخوي قصفت مناطق لا وجود فيها ل «داعش». واتهم رئيس الائتلاف السوري المعارض، خالد خوجة، طيران السوخوي بقتل 36 مدنياً في حمص، مندداً باستهداف مناطق هزمت المتشددين قبل عام. بينما أبدى وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، مزيداً من المرونة، مبدياً عدم معارضته للضربات إذا كان هدفها الحقيقي هزيمة «داعش» و»القاعدة». في المقابل؛ اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ما أقدم عليه من خطوة عسكرية «السبيل الوحيد لمحاربة الإرهاب بشكل فعال»، داعياً حليفه الأسد إلى قبول تسوية مع المعارضة التي يتسامح معها. وفي إفادةٍ ثانيةٍ لها أمس؛ أفصحت وزارة الدفاع الروسية عن نشرها أكثر من 50 طائرة ومروحية وقوات مشاة تابعة للبحرية ومظليين ووحدات من القوات الخاصة في إطار وجودها العسكري في سوريا، كما نقلت عنها وكالة «إنترفاكس» للأنباء. وهذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها موسكو رسمياً عن حجم نفوذها العسكري في مرفأ طرطوس ومطار قرب اللاذقية. وأوضح المتحدث باسم الوزارة، الجنرال إيغور كوناشنكوف، أن «الأسطول الجوي الذي سيشن غارات داخل الأراضي السورية يضم أكثر من 50 طائرة ومروحية». ولم يحدد المتحدث نوع الطائرات التي تُستخدَم في هذه المهمة، وقال «نُشِرَت هذه الطائرات والمروحيات على وجه السرعة، وتمكنَّا من القيام بذلك لأن مخزوننا من المعدات والذخائر كان موجوداً في منشآتنا اللوجستية في طرطوس، وما كان علينا إلا إرسال طائرات ومعدات». وكانت مصادر أمريكية كشفت بالتفصيل لوكالة «فرانس برس» عن حجم الوجود العسكري الروسي في سوريا، متحدثةً عن 4 مقاتلات من طراز سو-34 و12 من طراز سو-25 و12 طائرة هجومية سو-24 و4 مقاتلات سو-30 وحوالي 20 مروحية. كما لفت المتحدث كوناشنكوف إلى «إرسال كتيبة من قوات مشاة تابعة للبحرية بوسائل معززة» لضمان أمن طرطوس والقاعدة الجوية قرب اللاذقية، لكنه لم يحدد عدد الجنود بدقة. وتقدَّر مصادر صحفية في موسكو عددهم ب 1700 جندي على الأقل، فيما ترفع مصادر في واشنطن العدد إلى ألفين مع الطيارين وعمال الصيانة. وتضم كتيبة من الجيش الروسي 500 جندي على الأقل. وتتفق مصادر مع خبراء في كون الحملة الجوية التي بدأتها موسكو الأربعاء توسعت لتشمل مقاتلين معارضين بعيدين عن المجموعات الإرهابية، ما يرجِّح تركيز هذه الخطوة على دعم حكومة دمشق في مواجهة كافة خصومها. واشتبه الغرب في استهداف الحملة مجموعات صغيرة معتدلة تلقى دعماً من واشنطن ودول أخرى إضافةً إلى حركة أحرار الشام ذات التوجه السلفي المناهضة ل «داعش». وصرَّح السيناتور الأمريكي، جون ماكين، باستهداف الغارات الروسية الأربعاء مقاتلين معارضين دربتهم ومولتهم وكالة الاستخبارات المركزية في بلاده (سي آي ايه) لمحاربة المتشددين. ودعا ماكين في حوارٍ صحفي إلى موقف أقوى وأكثر حزماً للبيت الأبيض في الشرق الأوسط، رابطاً بين ما سمّاه فشل باراك أوباما وتقوية موقف نظيره بوتين. في السياق ذاته؛ لاحظ الباحث في معهد واشنطن، فابريس بالانش، أن «الروس يتدخلون لا لضرب داعش فحسب، بل كل المجموعات التي يعتبرونها إرهابية». ورجح أن يكون الهدف الأول لهذه الضربات مواقع للمعارضة تهدد المعقل العلوي للأسد «ما يُظهِر سعي بوتين إلى الأخذ بزمام المبادرة في الحرب أكثر مما يرغب في مقاتلة المتشددين». وعبَّر الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، بيتر هارلينج، عن رؤية مماثلة؛ وقال إن «هدف هذه الحملة هو الدفاع عن النظام، وعلى هذه الخلفية تشكِّل المعارضة المسلحة غير الجهادية أهم المخاطر المحدقة». ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادره الميدانية أن الغارات الروسية استهدفت مواقع لمعارضين يهددون مباشرةً مناطق خاضعة للنظام في وسط البلاد وغربها، كما استهدفت جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي. وعدَّ مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، هذه الغارات دعماً للنظام في محافظات حمص وحماة واللاذقية «حيث تتعرض مناطق علوية للتهديد أو الهجوم». وصرَّح، في بيانٍ له، بأن «مقاتلات سوخوي استهدفت بشكل أساسي مثلثاً في وسط البلاد سيؤدي إن سقط في يد المعارضة إلى حرمان الجيش النظامي من طريق تموين محورية باتجاه حلب (شمال)». ومن بين كتائب المعارضة المعتدلة التي تم استهدافها مجموعة «تحرير حمص» ومجموعة «فيلق حمص» إضافةً إلى «جيش العزة» الذي يتمركز في حماه ويتلقى دعماً أمريكياً. وطال القصف كذلك جبل الأكراد في اللاذقية الذي يعد معقلاً للمعارضة منذ 2012. ويرى هارلينج أن موسكو تحاول مساعدة النظام على الاستمرار على أمل أن يرضى به الطرف الخصم في النهاية. و«تزيد هذه التطورات من تعقيدات النزاع (…) وقد تتحول إلى وكر دبابير حقيقي للروس»، بحسب مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، كريم بيطار. ووفقاً لسيرجي لافروف؛ فإن بلاده لا ترى الجيش الحر مجموعة إرهابية بل تعتقد أنه جزء من الحل السياسي. لكن مجموعة «صقور الجبل» المعارِضة المدعومة من واشنطن تؤكد تعرض معسكر تدريبي خاص بها في محافظة إدلب إلى إطلاق صواريخ من طيران روسي. وتحدث العضو في المجموعة، مصطفى حلبي، عن هجوميين جويين روسيين أمس على معسكر التدريب دون وقوع إصابات. ووفقاً له؛ استخدمت 4 مقاتلات 10 صواريخ في الهجمة الأولى صباحاً، فيما نفذت مقاتلتان الهجمة الثانية ظهراً. وكما كان متوقعاً؛ عبرت طهران عن دعمها ودون تحفظ للحملة الجوية لموسكو، واصفةً إياها ب «مرحلة لتسوية الأزمة في المنطقة». ودعت وزارة الخارجية الإيرانية في الإطار ذاته إلى تعاون حكومتي بغدادودمشق «اللتين تتحملان المسؤولية الكبيرة والرئيسة لمكافحة الإرهاب». في غضون ذلك؛ أفاد مصدران لبنانيان أمس بوصول مئات من أفراد القوات الإيرانية إلى الأراضي السورية في الأيام العشرة الأخيرة للانضمام قريباً إلى هجوم بري كبير مع قوات الأسد ومقاتلي حزب الله اللبناني تحت غطاء جوي روسي. وأبلغ أحد هذين المصدرين وكالة الأنباء «رويترز» بقوله «العمليات الجوية لموسكو ستترافق مع تقدم لجيش الأسد وحلفائه برَّاً في القريب العاجل، ومن المحتمل أن تتركز العمليات البرية القادمة في ريف إدلب وريف حماه». وبشيء من التفصيل؛ أوضح قائلاً «الروس سيقصفون جواً ريف إدلب وريف حماه على أن تتقدم القوات البرية للنظام وحلفاؤها». ووفقاً للمصدرين؛ تستهدف هذه العملية استعادة السيطرة على الأراضي الشمالية الغربية التي فقدتها حكومة دمشق ووقعت في قبضة المعارضة المسلحة في النصف الأول من العام الجاري. وتعتبر هذه المعلومات إن صحَّت مؤشراً على تشكُّل تحالف عسكري وثيق بين موسكو والحلفاء الرئيسيين الآخرين للنظام مثل إيران وجماعة حزب الله. ونقلت «رويترز» عن أحد مصدري المعلومات أن «طلائع القوات الإيرانية البرية بدأت في الوصول إلى أراضٍ سورية، إنهم جنود وضباط ومقاتلون للمشاركة في هذه المعركة وليسوا مستشارين». وتابع هذا المصدر «نحن نتحدث عن مئات مع معداتهم وأسلحتهم، المئات وصلوا منذ عشرة أيام على أن يتبعهم أكثر من المئات قريباً»، ملمحاً إلى استعداد مقاتلين عراقيين للمشاركة في هذه العملية. من جهته؛ دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى عدم إرغام السوريين على الاختيار بين بشار الأسد والمجموعات الإرهابية كتنظيم «داعش». وخاطب أردوغان نواباً في برلمان بلاده أمس بقوله «لا يمكن إرغام الشعب السوري على الاختيار بين نظام يرتكب مجازر بحقه ومنظمات إرهابية». وإذ تجنَّب الإشارة إلى التحركات الروسية؛ فإنه قال «آمل في أن تساهم تطورات أخيرة في تسوية هذه المشكلة المستمرة منذ 5 سنوات». وكان رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، صرح الإثنين الماضي باستعداده للتعاون مع كافة الدول بما فيها روسيا لإيجاد حل للأزمة السورية يستبعد حكومة دمشق ويسمح بهزيمة المتطرفين. ويوم أمس؛ عبَّر وزير خارجيته، فريدون سينيرلي أوغلو، عن قلقٍ بالغ حيال الغارات التي تشنها موسكو. في سياقٍ موازٍ؛ أبدى رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، استعداده للنظر في أي اقتراح روسي بقصف تنظيم «داعش» في أراضي بلاده. وأجاب رداً على سؤالٍ صحفي في نيويورك «هذا احتمال، وإذا قُدِّمَ لنا اقتراح سندرسه». لكن سيرجي لافروف الموجود أيضاً في مقر الأممالمتحدة استبعد التوسُّع لشن ضربات في أراضٍ عراقية. وقال في مؤتمرٍ صحفي «نحن لا نخطط لتوسيع ضرباتنا الجوية لتشمل العراق، لم تتم دعوتنا ولم يُطلَب منَّا ذلك». عبَّرت المملكة عن قلقها البالغ إزاء تنفيذ الطيران الحربي الروسي عمليات عسكرية في مدينتي حماة وحمص في وسط سوريا، وانتقدت في الوقت نفسه محاولاتٍ لعدم إدانة حزب الله الإرهابي على مستوى مجلس حقوق الإنسان الأممي. في غضون ذلك؛ اجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بنظيرهم الروسي، سيرجي لافروف، أمس، وبحثوا معه تطورات الأزمة السورية وقضايا إقليمية ذات اهتمامٍ مشترك. ودعت المملكة، على لسان مندوبها الدائم لدى الأممالمتحدة السفير عبدالله المعلمي، إلى الوقف الفوري للحملة الجوية التي شنتها موسكو في حماة وحمص. وأكدت إيقاع هذه الغارات عديداً من الضحايا الأبرياء، محذرةً من أن «محاولات الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وإذكاء النزعات الطائفية مثلما تفعل إيران في عديد من دول المنطقة؛ هي ممارسات أثبت التاريخ مأساويتها وأظهر الحاضر إخفاقها». ودعا السفير عبدالله المعلمي إلى قيام تحالف عريض يتصدى لجذور المشكلة المتمثلة في استمرار نظام بشار الأسد وامتناعه عن الامتثال إلى بيان «جنيف1» الملزِم بإنشاء حكومة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية واسعة النطاق. وشدَّد، خلال كلمةٍ له مساء أمس الأول أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، على استحالة أن يكون الأسد طرفًا في أي حرب ضد الإرهاب؛ «لأنه يمثل الإرهاب بعينه». ووصف النظام ب «أحد أهم عوامل انتشار الإرهاب والتطرف العنيف وتهديد الأمن والسلم الدوليين نظراً لما يمارسه من اضطهاد بحق الشعب السوري الصامد وما يرتكبه من أبشع الجرائم بما في ذلك إلقاء البراميل الحارقة وإطلاق الغازات الكيميائية السامة، علاوةً على إفساح المجال أمام الجماعات الإرهابية لتمارس نشاطها وترتكب جرائمها». ولاحظ السفير المعلمي أن «أي حل للأزمة لا بد أن ينطلق من القناعة بأنه لا مكان لمن تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري في أي تسوية سياسية مقبلة». وفي إشارةٍ إلى دولٍ لم يسمِّها؛ انتقد المندوب السعودي الدائم الدول التي تدَّعي أنها جاءت مؤخراً للمشاركة في محاربة إرهاب «داعش»، وقال «لا يمكن لها (هذه الدول) أن تفعل ذلك في نفس الوقت الذي تساند فيه إرهاب نظام الأسد وحلفائه من المقاتلين الإرهابيين الأجانب مثل حزب الله وفيلق القدس وغيرهما من التنظيمات الإرهابية الطائفية». وبيَّن في الوقت نفسه أن المملكة تصدَّت إلى خطر الإرهاب في كل مكان وبادرت إلى المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش». وعبَّر المعلمي عن قلقٍ بالغٍ جرَّاء العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الروسية في حماة وحمص و«هي أماكن لا يوجد (داعش) فيها، ما خلَّف عديداً من الضحايا الأبرياء»، مطالباً باسم المملكة بالوقف الفوري لهذه العمليات وضمان عدم تكرارها. إلى ذلك؛ لاحظ المندوب السعودي الدائم لدى الأممالمتحدة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليست بدعاً دون غيرها من بقاع الأرض «بل هي من النسيج العالمي، فمتى ما تحققت العدالة وانتفت محاولات الهيمنة عبر استخدام القوة والتزم الجميع بمبادئ حسن الجوار؛ فإن السلام يصبح هو النتيجة الطبيعية والمنطقية». وحثَّ في كلمته على الانطلاق في معالجة الصراعات القائمة من الفهم الدقيق لجذورها وأسبابها حتى يتيسر التصدي لها. وأرجع معظم الصراعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أسباب عديدة «يأتي في مقدمتها الاحتلال، والاضطهاد، والتهميش، وعدم احترام الشرعية الدولية، وهي ذاتها الأسباب التي أدت إلى ظهور الإرهاب وامتداد رقعته». وفي شأن اليمن؛ اتهم السفير المعلمي الحوثيين بنقض العهود التي توصل إليها مواطنوهم خلال الحوارات الوطنية، ما دفع المملكة ودول التحالف العربي إلى الاستجابة لنداء الشعب اليمني مُمثَّلاً في رئيسه الشرعي، عبدربه منصور هادي. وذكَّر بأن «المملكة شددت على أن الخروج على الشرعية الدستورية الوطنية والانصياع للتدخلات الإيرانية حديا بجماعة الحوثيين وحلفائهم إلى الانقلاب على السلطة ونقض كل العهود التي توصل إليها مواطنوهم». وفي موضوعٍ آخر؛ عدَّ المعلمي استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية أحد أهم أسباب النزاعات المسلحة في المنطقة. وأكد أن حالة الإحباط والحرمان التي يفرضها الاحتلال هي من أهم الدوافع التي يستند عليها الإرهاب في الترويج لرسالته؛ «لذلك كان لزاماً على المجتمع الدولي أن يعمل دون كلل وبلا إبطاء على إنهاء احتلال فلسطين وبقية الأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة قبل أكثر من 13 عاماً». وانتقد المعلمي العدوان المتكرر على الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك والعنف الذي يمارسه الإرهابيون المستوطنون. وفي نيويورك أيضاً؛ عقد وزراء الخارجية الخليجيون جلسة مباحثات مع نظيرهم الروسي، سيرجي لافروف، في إطار التنسيق بين دول مجلس التعاون وجمهورية روسيا الاتحادية. وبحث الاجتماع، الذي ترأسه وزير الخارجية القطري خالد العطية بصفته رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري الخليجي، تطورات الأزمة السورية إضافةً إلى القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وعلى صعيدٍ موازٍ؛ أفاد المندوب السعودي لدى الأممالمتحدة في جنيف، السفير فيصل بن طراد، بدعم المملكة قراراً أممياً بإدانة استمرار التدهور الخطير لحقوق الإنسان في سوريا. ووصف السفير فيصل بن طراد، خلال كلمةٍ له أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي المنعقد حالياً، القرار ب «المتوازن»؛ لأنه سيحقق العدالة ويعمل على تحسين أوضاع الشعب السوري، و«سينهي حقبة نظام الأسد الذي يمارس كل أشكال العنف والجرائم والقتل في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان». لكنه انتقد محاولات حذف إدانة حزب الله من القرار، وعدَّها غير مقبولة على المستوى الأخلاقي والقانوني؛ «نظراً للدور الإجرامي للحزب ودعمه لنظام الأسد في قتل شعبه الأعزل»، مستنداً في حديثه إلى «عديد من القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة والمنظمات المتخصصة، التي أدانت هذا التدخل الذي لا يخفيه حزب الله بل يجاهر به ليلاً ونهاراً». ووفقاً للسفير ابن طراد؛ فإن المملكة عمِلَت مع بقية الدول بصورة شفافة وإيجابية للتوصل إلى قرار متوازن يقدِّم المجرمين ومنتهكي حقوق الإنسان إلى العدالة الدولية.