دعا منبر الحرمين الشريفين في خطبتي الجمعة أمس المسلمين إلى تدارس أسباب الخلاف والفرقة وأسباب الانحراف في الأفكار الضالة والعمل على القضاء عليها، وأن يخلصوا في حجهم ويبتعدوا عن تغيير تعاليم الحج إلى مظاهر منحرفة. وأكد المنبر أن المملكة بأمنها وأمانها ورغدها تستقبل الفارين من الفتن والاضطرابات في بلادهم وتفتح أبوابها لتعاملهم كما تعامل إخوانهم المواطنين والمقيمين. كما أنها تواسي المكلوم وتحاسب المقصر في رحمة وحزم وشفافية. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد في خطبته أمس إن مكةالمكرمة زادها الله تكريمًا وتشريفًا وتعظيمًا ومهابة وبرًّا، أعظم مدن الأرض مكانة وأعلى عواصمها شهرة، باركها الله وجعلها مكانًا لبيته ومولد نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ومبعثه ومتنزل وحيه، وقبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أحب البلاد إلى الله وخيرها عندما اختارها لمناسك عباده وجعل قصدها فرضًا من فروض الإسلام، اعتنى العلماء بتاريخها وتوثيق أخبارها وبيان أحكامها ينفق في الوصول إليها نفيس الأموال وتقتحم من أجل بلوغها عظيم الأحوال. وبين أن من مظاهر عظمة هذا البيت وتعظيمه ما وضع الله فيه من الآيات البينات والهدى؛ حيث يقول العلماء إن الآيات البينات منهن الركن والمقام والحجر الأسود والحطيم وزمزم والملتزم والمشاعر كلها، كما أن الكعبة المشرفة من أعظم الآيات البينات، لافتًا النظر إلى أن من أعظم الغرائب في سنن الله أن جعل نهاية العالم بنهاية هذا البيت وخرابه واستحلاله والجرأة عليه فأمان العالم كله قدره الله مرتبط بأمن مكة وتعظيمها وعمرانها. وقال: إن من أعظم خصائص هذا البيت هذا الأمن العظيم الذي جعله الله أحد أوصافه، أهله آمنون حين يخاف الناس، طاعمون حين يجوع الناس، أفئدة الناس إليه مقبلة، ووجوههم إلى هذا البيت المكرم آمة ومتوجهة، الثمرات إليه تُجبى، والقلوب إليه تهوي، والأرزاق إليه متدفقة، والثمرات فيه متوفرة، تفضيل وتعظيم واختصاص في انجذاب الأفئدة وهوى القلوب وانعطاف النفوس، يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، فكلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له اشتياقا. ولفت إلى أن ذلك يتجلى في هذه الأيام؛ حيث تخوض الدولة مع التحالف حربًا حازمة لإعادة الأمل لإخواننا وجيراننا مع ما يتطلب كل ذلك من استعدادات وأعمال واحتياطات، مشيرًا إلى أن المشاهد أن الناس مواطنين ومقيمين في أمن وافر، وهذا البلد الآمن يستقبل إخوانه الفارين من الفتن والاضطرابات في بلادهم، وتفتح الدولة أبوابها لتعاملهم كما تعامل إخوانهم المواطنين والمقيمين، كما تستقبل الملايين من حجاج بيت الله الحرام وقاصديه، وهي ولله الحمد موفقة في سياساتها واقتصادها وعلاقاتها على الرغم من الاضطرابات المالية وتقلبات الأسعار، كيف لا وهي ولله الفضل والمنة ترفع راية الكتاب والسنة وتحكم الشرع المطهر وشعائر الإسلام فيها ظاهرة.. تعطي المحتاج وتواسي المكلوم وتحاسب المقصر في رحمة وحزم وشفافية. وفي المدينةالمنورة، أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي، أن منافع الحج لا تتحقق إلا لمن أخلص في الحج نيته لله عز وجل وبرّ في حجه واقتدى في مناسكه بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وقال إن حسن الأدب والخلق والفضائل التي أمر المسلم أن يتصف بها ويتخلق بها في الحج وفي غيره هي في الحج آكد وأعظم، ومن تلك الآداب ترك الجدال والمراء بغير حق لأنه يورث الشحناء والتعصب. مشيرا إلى أن اجتماع الإخلاص والنصح لولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين بعدم الخروج عليهم تنفي من القلب الغلّ والحسد، والمسلمون يفرحون لاجتماعهم في الحج ووحدتهم. وأكد أن من جاء إلى الحج ليؤذي المسلمين أو لمعصية وأن يجعل الحج وسيلة لمقاصد لا يقرّها الإسلام وتغيير تعاليم الحج إلى مظاهر منحرفة، فقد ألحد في بلد الله الحرام، قال تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). ودعا الحذيفي المسلمين إلى تدارس أسباب الخلاف والفرقة وأسباب الانحراف في الأفكار الضالة والعمل على القضاء على أسباب الانحراف في الأفكار الضالة، قال جلّ من قائل (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم). وقال: إن القضاء والقدر من أركان الإيمان، وأن من توفي من المسلمين في الحرم المكي هو مصيبة كبيرة كانت بقضاء الله وقدره، قال تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمن مات محرماً: «لا تخمروا رأسه ولا تغطوا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً». وأوضح أنه قد خفف المصاب على ذويهم مواساة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الذي عزّى بالمصيبة بهم من الداخل ومن الخارج ومواساته بالقول والإحسان وبمكرمة. ولفت في ثنايا الخطبة إلى ما يتعرض له المسجد الأقصى من خطر عظيم، فيما العالم في غفلة عن مسؤوليته في دفع الظلم وحماية المقدسات.