لا يختلف اثنان في أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت من أشد مناطق العالم سخونة وأشدها غلياناً وأن ما يحدث فيها من انقسامات وما تعيشه من خلافات لم تشهده تلك المنطقة عبر تاريخها الطويل وأن ما نسمعه من قلاقل وما نراه من مآسٍ من خلال ما تبثه وسائل الإعلام ليشل صوت كل عاقل ويغتال فكر كل حكيم ما بين أرواح تزهق وأعراض تنتهك ودماء تسيل وأمم تشرد ويزيد في أوارها تلك الثورة الإعلامية، فهل هذه هي الحرية التي كانوا يتغنون بها أو الديمقراطية التي أصبحوا يبحثون عنها؟ ونحن كلما أمعنا النظر فيما يحدث حولنا شكرنا الله على ما أنعم به علينا من أمن وأمان تحت قيادة حازمة تقيم شرع الله أولاً وتتمسك به وعلينا نحن أن نأخذ العبرة والعظة، لا لأن الباطل لا يتعايش مع الحق، وإنما ما نزل بلاء على أمة إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، سنة الله وويل للتأريخ من المؤرخين، صحيح أن وطننا ولله الحمد معافى من تلك النكبات إلا أننا نشعر بما يتعرض له من هجوم إلكتروني شرس، الأمر الذي يحتم علينا الترابط والتلاحم ضد تلك المؤامرات كما أن علينا الارتقاء بمستوى الوعي المجتمعي الثقافي والاعتزاز بذلك الحس الوطني لبلادنا المباركة تحت ظل عقيدتنا الصافية التي ليلها كنهارها، والمملكة العربية السعودية وطن لنا جميعا بمختلف الأطياف والأعراق لا عزة لنا فيه إلا بديننا ثم قيادتنا ولا قوة لنا فيه إلا بوحدتنا ولن نرضى بمن يسعى إلى تشتيته ولن نقبل بمن يدعو إلى خرابه مهما كانت المسببات. نقول ذلك ونحن نستقبل طلائع حجاج بيت الله والمشاعر المقدسة ولنا الفخر فيما تقدمه حكومتنا من جهد وما تنفقه من عطاء يفوق ميزانية دول وخاصة تجاه خطط توسعة الحرمين الشريفين مع عناية لم تنقطع ورعاية لم تتوقف ولم ترتبط إلا بتاريخ وجغرافية هذا الوطن كل ذلك في سبيل راحة الحجاج القادمين من شتى بقاع هذا الكوكب بعيداً عن تلك المظاهر السلبية الرخيصة التي تستغل عقولا أو عاطفة. أولئك الحمقى الذين يحاولون أن يجعلوا من مواسم الحج ميدانا لمظاهراتهم المقلقة أو مسرحا لنشر شعاراتهم المزيفة دون النظر إلى الهدف الأسمى والغاية الكبرى لهذه الفريضة التي تتطلب منا في هذا الوقت بالذات تكثيف الجهود وتكاتف كل المخلصين من أجل الوقوف ضد ما يعكر أو يقلق ضيوف هذه البلاد الطاهرة ولكي نبقى نردد كما تعودنا أن نقول للجميع بعد كل موسم «حجاً مبرورا وسعياً مشكورا وذنباً مغفوراً» وكل حج وأنت ياموطني في شموخ..