انطلقت أمس في المنامة أعمال المؤتمر المشترك الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي في إطار مشروعها «الإسهام في تطوير تعلم اللغة العربية وتعليمها – عربي 21»، بالتعاون مع الجمعية العربية للقراءة «تارا»، تحت عنوان «القرائية للجميع»، ورعاية رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري، الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة. وافتتحت القائم بأعمال عميد كلية البحرين للمعلمين، مديرة مشروع «عربي 21»، ممثّلة «تارا»، الدكتورة هنادا طه، المؤتمر الذي يستمر يومين، أوضحت فيها أنه يأتي تكريساً لأهمية مفهوم القرائية في اللغة العربية، مشيرة إلى أن هذا المصطلح حديث نسبياً، ويعني القدرة على فهم الكلمات وفهم العالم. وعرضت طه لمفهومين أساسيين مرتبطين بتطوير تعليم اللغة العربية وتعلمها، الأول هو أهمية تبني فلسفة تعلم اللغة المبني على المعايير، إذ إن فلسفة المعايير الموحدة تعني أنه باستطاعة كل طالب التعلم والتمكن من المعايير، بغض النظر عن خلفية أسرته المادية والثقافية ومدرسته، وغيرها من عوامل الفرز التي يعاني منها طلاب الوطن العربي، فضلاً عن أنه يوحد المفاهيم الأساسية، للوصول إلى نوع من المساواة التعليمية، بحيث يعطى أبناء اللغة العربية لغة موحدة ومعارف ومفاهيم أساسية ترتبط بعصرهم وبحاجاتهم. وبينت أن المفهوم الثاني يتمثل في وجود ضرورة قومية الآن لتغيير الدور الذي تلعبه اللغة العربية في الحياة، مشيرة إلى أن دور اللغة ليس انكفاء على دراسة ما هو غير طبيعي مثل الصرف والنحو والبلاغة، وإنما انغماس في الدور الطبيعي للغة، وهو تسخير اللغة لفك رموز الكلام ولفهم العالم، وبالتالي يتغير الدور الذي تلعبه اللغة لتصبح الأداة التي تمكِّن المتعلم من الإطلالة على عوالم مختلفة وشاسعة. ألقى وزير التربية والتعليم البحريني، ماجد النعيمي، الذي افتتح المؤتمر نيابة عن رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري، كلمة ركز فيها على أهمية اللغة العربية في حفظ هوية الأمة ولونها الثقافي، وفي بناء الشخصية العربية الأصيلة المعتزة بأمتها وثقافتها. كما تحدث فيها بإسهاب عن استراتيجية القرائية المتكاملة، التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين، من أجل النهوض باللغة العربية وتعليمها، بما في ذلك أنظمتها ومهاراتها، وذلك من خلال محتوى وأساليب ملائمة من شأنهما أن ينميا لدى المتعلمين القدرة على بناء المعنى، والتعبير عنه والتواصل بشأنه في سياقات ومقامات حقيقية حية، وبما يرسخ الهوية الوطنية والانتماء العربي، ويعزز قيم التسامح والحوار وينمي مهارات التفكير والإبداع. وعرض النعيمي لجهود البحرين في مجال تطوير تعليم اللغة العربية، المتمثلة في ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من تطوير مناهجها، وتدريب معلميها، ومتابعة إشرافية ورقابية لتعليمها في جميع المدارس الحكومية والخاصة، وعناية بتعليمها للناطقين بغيرها، من منطلقات قومية ودينية وتربوية واجتماعية، وتعزيز حب اللغة واستخدامها، وتربية التفكير والإبداع بها، وتقييم مستوى الأداء اللغوي عن طريق الامتحانات الوطنية والمشاركة في الاختبارت الدولية، وحرص على الاحتفاء باللغة العربية، خاصة في يومها العالمي، فضلاً عن التواصل مع المجلس الدولي للغة العربية، والإسهام في صياغة قانونها الذي يحكم استعمالها في الدول العربية والإسلامية. من جانبه، ألقى عضو مجلس أمناء مؤسّسة الفكر العربي، الدكتور خالد التركي، كلمة باسم المؤسسة نيابة عن رئيس مجلس إداراتها الأمير بندر بن خالد الفيصل، نقل فيها تحيات رئيس المؤسّسة، الأمير خالد الفيصل، وشدد فيها على الاهتمام بقضية تطوير تعليم وتعلّم اللغة العربية كقضية أساسية تستحقّ كل الدعم، إدراكاً من المؤسسة للحاجة إلى تغيير المنحى الكلاسيكي المستخدم حالياً. وأشار التركي إلى أن المؤتمر سيركز على مسألتين مهمتين، الأولى تتعلق بمفهوم تعليم وتعلم اللغة العربية المبني على المعايير، وهو مفهوم يعد سبقاً في مجال تطوير تعلم وتعليم اللغة العربية، لأن المعايير تشكل إطاراً لمجموع المعارف والمهارات والكفايات العملية المتوقع من الطالب معرفتها والقدرة على القيام بها، فضلاً عن أنها توضح طرق تقويم وتقييم تلك المعارف بشكل محاذٍ. وذكر أن المسألة الأخرى تكمن في تميز المؤتمر بفكرة العمل المؤسساتي المشترك من أجل هدف ملح، من أجل حشد الرؤى وتوضيح الممارسات العالمية الناجحة لتكون نواة للعمل على رؤية جديدة لتعليم وتعلم اللغة العربية. جائزة كتابي واحتفت المؤسّسة خلال الحفل بالفائزين ب«جائزة كتابي 2015» لأدب الطفل العربي في دورتها الثالثة، وكرم النعيمي الفائزين، وهم: رنا عناني، هدى حدادي، هديل ناشف، أسامة مزهر، مهند العاقوص، طيبة عبدالله، سمر محفوظ، منى يقظان، ميرا المير، شهاب الدين المشرّف، عاصم إبراهيم. كما سلم المتحدّثين والرعاة وممثّلي عدد من دور النشر دروعاً تكريمية، ثم قدّمت الكاتبة رنا عناني قراءة من كتابها الفائز «صاروخ إلى الفضاء». بدء الأعمال وبعد الحفل، بدأت أعمال المؤتمر بحلقة نقاشية تحت عنوان «تعلّم اللغة العربية المبني على المعايير»، شارك فيها كل من الدكتورة سالي التركي، والدكتورة هنادا طه، ومريم الهاشمي، وبول تاكر. ثم عُقدت ورش عمل المتخصّصين، وتحدّث فيها كلّ من محمد المومني عن «أدب الأطفال: الطريق إلى القرائية»، وهالة صادق حول «دور التكنولوجيا في صف اللغة العربية»، ومازن الشيخ عن «دور البصريات في تعلّم العربية»، وبشرى قدورة حول «اعتماد نظام المعايير في تطوير دور الحضانة للأطفال».