من باكستان إلى المغرب مروراً بالسعودية وفلسطين والأردن والسودان والجزائر؛ بعث العالم الإسلامي أمس برسالةٍ واضحةٍ إلى الصحافة الغربية مفادها أن المسلمين يرفضون تماماً الإساءة إلى دينهم ويعتقدون أنه لا علاقة لحرية التعبير بهذه الإساءات المتكررة للإسلام. وبعد انتهاء صلاة الجمعة في كراتشي، تظاهر الآلاف من الباكستانيين أمام القنصلية الفرنسية احتجاجاً على إعادة صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية نشر رسوم مسيئة للإسلام. وكانت الجمعيات الإسلامية الباكستانية دعت إلى هذه التظاهرات رداً على الصحيفة التي لا تتوافر في باكستان لا بنسختها الورقية ولا الإلكترونية. ونُظِّمت تظاهرات مماثلة في إسلام أباد ولاهور (شرق) وبيشاور (شمال غرب) ومولتان (وسط) حيث تم حرق العلم الفرنسي. واعتبر رئيس الجماعة الإسلامية، سراج الحق، أن على فرنسا الاعتذار، وأن على أوروبا أن تدرك أن هذه القضية ليست بالبسيطة بالنسبة للمسلمين. على المستوى الرسمي، ندَّد رئيس الوزراء، نواز شريف، وأعضاء البرلمان الباكستاني أمس الأول الخميس بسياسة «شارلي إيبدو» واعتبروا أنها مارست «تجديفاً». في غضون ذلك، ندَّدت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بالاستمرار في نشر رسوم متطاولة، مؤكدةً أن ذلك لا يمت إلى حرية الرأي والتعبير والتفكير بصلة. وقال الأمين العام للهيئة، الدكتور فهد الماجد، في بيانٍ أمس إن «جرح مشاعر المسلمين بهذه الرسوم لا يخدم قضية ولا يحقق هدفًا صائبًا، إنما يصبُّ في المحصلة النهائية في خدمة المتطرفين الذين يبحثون عن مسوغات للقتل والإرهاب». واعتبر الماجد أن «على العالم واجباً؛ وهو أن يصنع الاحترام المتبادل والتعايش البنَّاء، ولن يكون ذلك بإهانة المقدسات والرموز الدينية». وفي عمَّان، خرج نحو ألفي أردني إلى الشوارع أمس وهتفوا ضد الصحيفة الفرنسية محاولين الوصول إلى سفارة فرنسا لإيصال أصواتهم، لكن رجال الأمن منعوهم. وأكد المحتجون أنهم سيواصلون نشاطاتهم واحتجاجاتهم تأييداً للرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى تعتذر السفارة الفرنسية عن رسوم «شارلي إيبدو». ونُظِّمَت احتجاجات للسبب نفسه في المسجد الأقصى، وشارك فيها عشرات الفلسطينيين الذين هتفوا «قائدنا للأبد .. سيدنا محمد» وأضرم بعضهم النار في العلم الفرنسي. وفي الجزائر، خرج الآلاف بعد صلاة الجمعة في تظاهرة نصرةً للرسول (صلى الله عليه وسلم) واحتجاجاً على الإساءات. وحاول أفراد الشرطة الذين انتشروا بكثافة في شوارع العاصمة منذ صباح أمس منع المتظاهرين من التقدم نحو ساحة الشهداء، لكن الأخيرين تمكنوا من الزحف نحو بعض الشوارع الفرعية المؤدية إلى الساحة قبل أن يعود أغلبهم إلى ساحة «أول مايو» التي انطلقوا منها. وشهدت الخرطوم أيضاً خروج تظاهرات رافضة للمس بالإسلام. إلى ذلك، قرر المغرب عدم السماح بتوزيع المطبوعات الأجنبية التي نشرت الرسوم المسيئة داخل أراضيه. وأكد وزير الاتصال المغربي الناطق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أن هذا القرار «تم وفقاً لأحكام قانون الصحافة والنشر المغربي». وقال الخلفي، في تصريحاتٍ صحفية، إن حكومة بلاده تدين نشر صحف أجنبية من بينها «شارلي إيبدو» رسوماً كاريكاتورية مسيئة للإسلام، مؤكداً «ندين الاعتداءات الإرهابية ولكن أيضاً أي اعتداء على الدين الإسلامي ورموزه ونبيه».