في حين انفجرت سيارتان مفخختان بالقرب من سفارتي مصر والإمارات العربية المتحدة المغلقتين أمس في طرابلس، دعت الحكومة الإيطالية إلى تشكيل لجنة وساطة تنسيقية جديدة للحيلولة دون انقسام ليبيا. ووقع انفجار أمام السفارة المصرية في حي الضهرة شمال العاصمة الليبية، تلاه انفجار أمام السفارة الإماراتية في حي قرقارش. وأعلنت وكالة الأنباء الليبية الرسمية (لانا) أن اثنين من حراس السفارة المصرية أصيبا بجروح طفيفة، بينما قال مسؤول في جهاز الأمن الدبلوماسي الليبي إن اثنين من عناصر الجهاز أصيبا في الانفجارين. بدوره، ذكر مصدر صحفي أن السيارة المفخخة كانت موجودة في موقف قريب من سفارة مصر، موضحاً أن (الانفجار) أدى إلى تحطم زجاج المبنى وألحق أضراراً بالسيارات المتوقفة بالقرب منه. وبعد دقائق انفجرت سيارة مفخخة ثانية أمام سفارة الإمارات، لكنه لم يسفر عن إصابات، كما أضافت الوكالة الليبية الرسمية. غير أن مسؤولاً إماراتياً طلب عدم كشف هويته أفاد بأن سفارة بلاده في طرابلس استُهدِفَت ب «انفجار كبير» في وقت مبكر من صباح أمس، مشيراً إلى إصابة ثلاثة أشخاص غير إماراتيين يتولون الأمن. ورأى مسؤول إماراتي آخر أن الانفجارين يؤكدان انتشار «حالة الفوضى»، محذراً من عواقب استمرار سيطرة الميليشيات على العاصمة الليبية، ومعتبراً أن هذا التطور يُظهِر «ضرورة التوصل الى حل سياسي يدعّم المؤسسات الشرعية في ليبيا لا سيما البرلمان» المعترف به من قِبَل المجتمع الدولي. وأُغلِقَت سفارة مصر بطرابلس في فبراير الماضي بينما أُغلِقَت سفارة الإمارات في مايو. ويسيطر تحالف من الميليشيات يحمل اسم «فجر ليبيا» على طرابلس وجزء كبير من الغرب الليبي منذ نهاية أغسطس الماضي بعدما طرد خصومه على إثر معارك طاحنة. وفرَّ البرلمان والحكومة المعترف بهما دولياً من العاصمة إلى شرق البلاد. وكان تحالف «فجر ليبيا» قد اتهم الإمارات ومصر بشن غارات جوية في أغسطس على قواته، التي كانت تخوض معركة حينذاك للسيطرة على العاصمة. من جهته، بدأ جهاز الأمن الدبلوماسي الليبي مع الجهات ذات العلاقة تحقيقات أوَّلية لمعرفة ملابسات الحادثين والجهات التي تقف خلفهما. وذكر مسؤول في الجهاز أن أجهزة الأمن باشرت جمع أقوال شهود العيان وتقوم بمراجعة أشرطة الفيديو، التي سجلتها كاميرات المراقبة الموضوعة على مقري السفارتين. وأضاف «هذه ليست المرة الأولى، التي تُستهدَف فيها سفارات هذين البلدين الشقيقين نظراً للاتهام الدائم والمتواصل بدعم هذين البلدين لقوات اللواء المتقاعد من الجيش الليبي خليفة حفتر»، الذي يخوض حرباً ضد الميليشيات. وفي أول رد فعل رسمي، دانت مصر «بكل قوة» التفجير الذي وصفته ب «انتهاك سافر للقوانين والأعراف الدولية». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير بدر عبدالعاطي، في بيان صحفي إن التفجير «يمثل انتهاكاً سافراً للقوانين والأعراف الدولية وحرمة مقار البعثات الدبلوماسية ويسيء للعلاقات التاريخية وروابط الدم، التي تجمع بين مصر وليبيا وشعبيهما الشقيقين». كما دان عبدالعاطي في الوقت ذاته سلسلة التفجيرات الأخيرة، التي استهدفت سفارات أخرى ومنشآت ليبية عامة «سواءً في طرابلس أو طبرق أو البيضاء» على مدار اليومين الماضيين. وكان ستة أشخاص بينهم خمسة جنود قُتِلوا وأصيب 26 شخصاً على الأقل بجروح متفاوتة الخطورة في هجوم انتحاري أمس الأول الأربعاء في مدينة طبرق، حيث المقر المؤقت للبرلمان الليبي، وفي تفجير آخر وقع أمام قاعدة الأبرق الجوية شرق ليبيا، حسب مصادر طبية وأمنية. وتجتاح ليبيا موجة من العنف، فيما يواصل الجيش عملياته العسكرية في مدينة بنغازي بهدف «اجتثاث الإرهاب». وفيما يحتد الخلاف السياسي، خصوصاً مع دعم كل فريق مسلح لحكومة وبرلمان في البلاد، تواصل الأممالمتحدة ودول الجوار اتصالاتها مع أطراف النزاع الليبي في محاولة للتوصل إلى حل ينهي حالة عدم الاستقرار ودائرة العنف المستمرة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011. وفي برلين، أبدت الحكومة الإيطالية قلقاً كبيراً إزاء احتمال انقسام الدولة في ليبيا وما قد يترتب على ذلك من تزايد أعداد اللاجئين، الذين ينطلقون من ليبيا بحراً إلى إيطاليا. وأكد وزير الخارجية الإيطالي الجديد، باولو جينتيلوني، أن بلاده «بدأت التحدث عن مشكلة الهجرة وستواصل هذا الحديث أواخر الشهر الجاري في روما». وأوضح الوزير الإيطالي، عقب لقائه بنظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس في برلين، أن منع انقسام ليبيا يتطلب تشكيل لجنة وساطة تنسيقية جديدة. في السياق نفسه، طالب جينتيلوني الدول الصناعية الكبيرة في العالم والقوى المهمة في المنطقة بدعم هذه المبادرة، واعتبر ما يحدث في البحر المتوسط مأساة إنسانية كبيرة.