توقَّع خبراء أن ينكفئ مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» إلى المناطق السكنية، وأن يشنوا حرب عصابات للدفاع عن مناطقهم أمام الترسانة التي تعدّها الولاياتالمتحدة للقضاء عليهم. ولتجنب ضربات الطيران الأمريكي، يُتوقَّع أن يحد التنظيم المتشدد الذي أعلن إقامة «خلافة إسلامية» على أراضٍ في العراقوسوريا، من تنقله في المناطق الصحراوية الكبيرة حيث يمكن رصد مقاتليه ومعداته بسهولة. وتعرض التنظيم بالفعل لضربات جوية أمريكية في محيط المناطق الكردية في العراق، لكن يُنتظَر أن تكثف واشنطن هجماتها مستقبلاً، وأن تضرب المتشددين في سوريا في إطار تحالف دولي. وتنبأ الجنرال البريطاني المتقاعد الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بن باري، بأن ينتقل التنظيم إلى الدفاع وأن يتوارى في المناطق السكنية، حيث يمكنه القتال في حال مهاجمته. ويسيطر التنظيم منذ تقدمه في العراق على عدة مدن مهمة ولا سيما الموصل وتكريت وتل عفر في الشمال والفلوجة وجزء من الرمادي غرباً، كما يحكم في سوريا السيطرة على الرقة، معقله شمالاً، وعلى نصف دير الزور (شرق) وبلدات كثيرة أصغر. وقد يؤدي الانتشار في المدن إلى جر القوات الأمريكية أو العراقية إلى ارتكاب أخطاء. وقال الجنرال بن باري «سيوقعون ضحايا بين المدنيين في محاولة ضرب الجهاديين». وأضاف «وهؤلاء سيستخدمون أدواتهم الدعائية لتحريض السنة ضد الحكومة العراقية وتفكيك شرعية الائتلاف الدولي». في سياق متصل، اعتبر الخبير العراقي في الشؤون الأمنية، أحمد الشريفي، أن هذا التحرك الدفاعي من قِبَل «داعش» بدأ بالفعل «فقد سحب التنظيم بعض مقاتليه، ولا سيما الأجانب، لإرسالهم إلى سوريا، لم يُبقوا إلا العراقيين لأنه يسهل عليهم الاختلاط بالسكان في حال التعرض لهجوم». وذكر أن «المتشددين تخلوا في الموصل عن مراكز القيادة التي أقاموها بعد سيطرتهم على المدينة في 10 يونيو الماضي، وانتقلوا إلى منازل خاصة في أحياء مكتظة للابتعاد عن الأنظار». كما يعتمد التنظيم التكتيك نفسه في سوريا بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيغل، أن الهجمات الجوية التي قد تُشنّ على سوريا ستستهدف «ملاذات» التنظيم المتشدد. ولاحظ الناشط من دير الزور (شرق سوريا)، أبو أسامة، أن مسلحي «داعش» أغلقوا أغلبية مواقعهم تقريباً في المناطق الشرقية. وحتى الحقول النفطية تم إخلاؤها وأجليت عائلات المقاتلين الأجانب التي أقامت في مبانٍ سكنية. وأوضح أبو أسامة «لقد اختفوا لكنهم خلَّفوا الجواسيس للبقاء على اطلاع». وفي محافظة حلب (شمال)، انسحب التنظيم من مقاره في الباب، أحد معاقله الرئيسة في المنطقة. واعتبر الخبير في شؤون الحركات الإسلامية في سوريا، توماس بييريه، أنه «في حال هاجم الأمريكيون لن يكون لدى تنظيم الدولة خيار إلا بإخلاء المكان وتركه مفتوحاً لتقدم المعارضين» الذين يقاتلونه ويقاتلون نظام بشار الأسد في آن واحد. و»نظراً لإلحاق الضربات الأمريكية الضرر بالعناصر المرئية للبنية العسكرية للتنظيم، سيعود الأخير إلى نموذج تمرد وسيختلط بالمدنيين ما سيضاعف صعوبات الوصول إلى مقاتليه»، بحسب المحلل في معهد دراسة الحرب الأمريكي كريستوفر هارمر. وتوقع هارمر أن يستخدم تنظيم الدولة خلاياه النائمة والقناصة والسيارات المفخخة أو الاغتيالات المحددة الهدف. وأخذ الخبير في مكافحة الإرهاب، ريتشارد باريت، الاتجاه نفسه، حيث أكد أن تنظيم «داعش» لا يمكنه صد الغارات الأمريكية «لذلك سيعكس عملية تقدمه، فبعد تطوره من حركة إرهابية سرية إلى دولة، سيضطر إلى العودة إلى ما كان عليه».