ستقولون إن من يتمنى أن تُصبح بلاده مثل سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا هو مجنون تماماً؛ معكم حق.. لكن تأملوا أفعال ومقولات بعض نخبنا وكيف أنهم لا يفكرون أبداً إلا في نفخ الفتن والتشنج وراء كل حدث دون تأمل عقلاني لما قد يجلبه كل ذلك على بلدنا!! حسناً دعونا نفكر في الأمر بواقعية؛ ما يحدث في دول الجوار هو كارثة بكل المقاييس، ولكن بعض تغريدات السعوديين وتحديداً بعض النخب الدينية تصور الأمر للشباب وكأنه حرية وعدل ومساواة، وتتمنى بطرق مواربة لكن مكشوفة ألا يبقى بلد عربي دون أن تمر عليه هذه الجائحة.. فهل رأيتم عدلاً أو حرية أو مساواة في تلك البلدان أم فوضى وجوعاً وجثثاً؟ كونوا عادلين أثابكم الله.. إحساسك بالدم على الشاشة يختلف عن إحساسك به حينما يسيل من جسدك، والجوع الذي تراه على الشاشة يختلف بالتأكيد عن الجوع الذي ستشعر به في معدتك ومعدة أطفالك في ما لو كنتم أبطال المشهد لا قدر الله.. هذه الصورة تغيب عن بعض المغردين الشيوخ الذين يظنون أننا أخذنا صكاً حصرياً بدعم الميليشيات الإسلامية في كل مكان في العالم دون أن يصيبنا أذى.. النعمة مفسدة أحياناً وتجعل العقل والخيال يسترخيان ببلادة!! كنت أتمنى من هذه النخب أن تستخلص الدروس والعبر مما يجري، وأن تقدم خلاصة هذه التجارب المريرة إلى شبابنا في محاضراتها وتغريداتها بدلاً عن حدوث العكس، ولكن بكل أسف يبدو أن بعض نخبنا استمرأوا النفخ في كل فتنة دون تبصر للعواقب والمآلات، ولو أصابهم شيء منها لا قدر الله لرأينا العجب والتحولات الجذرية!! أخيراً؛ ما الذي يمنع شيوخنا الأفاضل الذين يتغنون بفوضى العالم العربي، وبعدما رأوا من ويلاته أن يوضحوا الحقيقة للشباب؟ لماذا لا يعترفون حتى اللحظة أن هذه الفوضى الكارثية لم تزد العالم العربي إلا تشتتاً وفرقة؟ أم إنهم يتمنون لنا فوضى مماثلة؟! أعادنا الله وإياكم إلى الحق والصواب.