الرؤية الواضحة والرسالة المحددة والقيم العالية عناصر مهمة لا يستغني عنها أي شخص يطمح في النجاح والتميز، وكذلك الحال بالنسبة للشركات ومنظمات العمل الرائدة. ولأهميتها يُخصص لها الوقت الكافي لكتابتها بعناية وتمعن وأحياناً بوساطة متخصصين لكي تكون خارطة العمل واضحة توجِّه جهود الإدارات والعاملين لتحقيق أهداف واستراتيجيات المنظمة. كما تحرص المنظمات على أن تكون هذه العناصر واقعية وعقلائية ومحددة وغير مستحيلة، وتقوم بالمشاركة بها مع الطاقم الإداري وجميع العاملين لضمان الالتزام والتمسك بها والعمل بنهجها. ربما يوجد عدد كبير من منظمات العمل التي تفتقد هذه العناصر المهمة أو بعضها، والبعض منها قد تكون موجودة لديها لكنها داخل الخزانة وفي الأدراج لا يعلم بها أي من الموظفين. وأحيانا تكون موجودة وجميع الموظفين علىاطلاع عليها، بل ويحفظونها عن ظهر قلب ولكنها بعيدة عن التطبيق الفعلي والواقع العملي مما يجعل ثقة الموظفين تتزعزع ولايعيرونها أي اهتمام. وأحياناً يطلب من سائر الموظفين التقيد بها ولكن عندما يصل الأمر للقيادات العليا في المنظمات التي ينبغي أن تكون أسوة و قدوة يحتذى بها، تكون هناك التجاوزات التي لا تتوافق مع القيم المتفق عليها. حينها كيف نضمن أو نطلب من سائر صغار الموظفين التقيد بهذه القيم!! فعلى سبيل المثال عندما تتبنى إحدى المنظمات قيماً مثل الإخلاص، والأمانة، والعدل، والتميز، والمسؤولية، والاهتمام بالموظفين، والاهتمام بالعملاء، والشفافية فعلى الطاقم الإداري أن يتحمل المسؤولية الكبرى ليكون خير قدوة ومثلاً يحتذى به في كل القيم وليس واحدة دون الأخرى لأنها أحيانا تكون مرتبطة مع بعضها بعضاً. فلو تجاوز القائد في العدل بين الموظفين بناءً على رغباته وميوله ومعاييره الخاصة التي لاتتوافق مع القيم، وليس حسب المعايير والضوابط التي تضمن للجميع حقوقهم بكل أمانة ونزاهة، سيكون لذلك الأثر السلبي على باقي الموظفين وينعكس على القيم الأخرى من حيث إخلاصهم وتعاونهم وجودة العمل وكميته وتحمل المسؤولية والاهتمام بالعملاء. وكذلك الحال مع سائر القيم عندما يكون القائد خائناً للأمانة بلا أخلاق تردعه، سيسود من خلفه الفساد ويحذو حذوه كل من ليس له قيم وأخلاق متأصلة تردعه أن يقع في نفس الخطأ والانجرار فيما لايُحمد عقباه ويتفشى الفساد الإداري الذي قد يستعصي استئصاله. عندما تتكرر مثل هذه التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة ممن يعتد بهم ويعول عليهم في احتضان وتبني القيم سيفقد الموظفون الثقة بها ولن يكون لها أي وزن واعتبار وقيمة، بل ستكون فقط مجرد عبارات وشعارات صماء تُرفع ويتغنَّى بها القادة في كل محفل ويُتفاخر بها أمام المنظمات الأخرى.