في الوقت الذي يحظر فيه بيع أقلام الليزر رسمياً، تنشط في الخفاء تجارة تلك الأقلام التي تشكل خطراً داهماً ليس فقط على العيون، بل أيضاً على نطاقات أخطر تتمثل في تأثيرها على الملاحة الجوية. ورغم ثبوت خطر تلك الأقلام، إلا أنها تتسلل إلى الأسواق بطريقة أو بأخرى، بدليل انتشار مواقع البيع والشراء التي تروج لها، التي تنشر أرقام هواتف موزعيها ما يثير التساؤلات حول دور «التجارة» في متابعة هذه الحالات بعد أن دلت آخر الدراسات على خطرها، لتثير مجدداً ما سبق أن طُرح قبل سنوات وعلى نحو متواصل عن خطر هذه الأقلام على الصحة. وصنّف المعهد الوطني الأمريكي للمعايير الليزر إلى أربعة أصناف، يعتبر الأول منها آمناً، حيث تقل طاقته الخارجة عن 0.4 ملي وات، فيما جاءت أقلام الليزر المرئية في المستوى الثاني بطاقة خارجة أقل من 1 ملي وات، ثم الأجهزة ذات الطاقة الخارجة التي يتراوح معدلها بين 1-5 ملي وات، التي صنفت في المستوى (3 أ)، تلتها أجهزة الليزر من الصنف (3 ب) ولها طاقة خارجة تتراوح بين 5-500 ملي وات وتعتبر مضرة بالعين، أما أجهزة الليزر من الصنف 4 فلها طاقة خارجة تزيد على 500 ملي وات وهي قادرة على إحداث ضرر كبير في العين، كما أن أقلام الليزر عالي الطاقة والمحمولة باليد، التي تزيد طاقتها الخارجة عن 1200 ملي وات والمتوافرة على الإنترنت، يمكن استخدامها في إشعال الألعاب النارية عن بعد وإشعال السيجار وحرق الأكياس البلاستيكية. المثير في الأمر، أن أحد المواقع يعرض ببساطة كيفية تحويل قلم الليزر العادي ذي القوة 5 ملي وات إلى قلم ليزر حارق بقوة 100 ملي وات. ويتيح الموقع شرحاً لكيفية هذا التحويل، ما يضاعف من الخطر المحتمل لهذه الأقلام المتاحة في الأسواق وبقليل من الأدوات. ولا يتطلب الأمر وفقاً للموقع أكثر من قلم ليزر أخضر وأداة لحام ذات سن رفيع ومقاومة 3.4 كيلو أوم أو 2×6.8 على التوازي. وحتى يتسنى ذلك، تتم زيادة قيمة المقاومة المتغيرة فى دائرة الليزر إلى أقصى قيمة لها، ومن ثم إضافة مقاومة 3.4 كيلو بدل المقاومة الأساسية 2 كيلو لزيادة سدة التيار المار في الدايود، ومن ثم عمل دائرة قصيرة أو قطع دائرة عند العنصر03 في الدائرة عن طريق التسخين. وبالتالي يتحول القلم الذي يمكن الحصول عليه من المكتبات إلى سلاح ضار قد يؤذي العيون ويحدث بها إصابات خطرة قد تسبب العمى. وتتيح مواقع إلكترونية عديدة بيع أقلام الليزر المحظورة، التي تتراوح قوتها بين 100 – 1000 ملي وات بأسعار تتراوح بين 150 – 800 ريال ويصل مدى بعضها إلى ثلاثين كيلو متراً، فيما تتداول مواقع أخرى تشكيلات واسعة من أقلام الليزر مع نشر أرقام هواتف أصحابها في مدن عديدة في المملكة للتواصل معهم، وهي بالمناسبة واسعة الانتشار وإعلاناتها حديثة، وعادة ما يرافقها بيع منتجات أخرى غير مسموح بتداولها كأجهزة التنصت والكاميرات السرية وغيرها، ما يطرح بقوة قضية متابعة ومنع الإعلانات التي تروج لمثل هذه المنتجات الضارة. وكشف المدير العام التنفيذي لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون الدكتور عبدالإله بن عباد الطويرقي عن خطورة استخدام أجهزة الليزر عالي الطاقة والمتداولة بين فئات المجتمع في الأماكن العامة والملاعب الرياضية بناءً على بحث أجري في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون عن تأثير أجهزة الليزر التي تستخدم في المجالات الطبية والصناعية والعسكرية ويستخدمها المحاضرون في اجتماعاتهم، وكذلك أجهزة الليزر التي تستخدم من صغار السن والشباب وفي الملاعب الرياضية وهي عبارة عن أقلام ليزر محمولة باليد تتسبب في إصابات بالعين الناجمة عن التعرض لأشعة الليزر لأن الشعاع الضوئي من 400 – 1400 نانوميتر يخترق أجزاءً مختلفة من العين، حيث إن العين هي العضو الوحيد المعرض لهذا المدى من الطول الموجي، ويحدث الرمش بالعين وإغلاقها نفوراً من الضوء من فترة التعرض لليزر ليصل إلى 0.15 – 0.25 ثانية، هذه الطرق الوقائية الطبيعية فعالة في مواجهة أقلام الليزر منخفضة الطاقة. ونظراً لاهتمام المستشفى بهذه المشكلة، التي من الممكن أن تؤدي إلى تأثر في البصر وثّقت مجموعة بحثية في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون ضمت أطباءً متخصصين في الشبكية والطوارئ، عدد الحالات التي وصلت المستشفى لمدة سنة في الفترة من شهر يناير 2012 إلى يناير 2013م، حيث استقبل قسم الطوارئ في المستشفى حالات إصابات بالليزر بلغت 32 حالة ما بين يناير 2012م إلى يناير 2013م، مؤكداً أن 99% من الحالات مصابة بأنواع مختلفة من اعتلال البقعة الصفراء وهي المركز الذي يتوسط الشبكية والمسؤول عن أفضل مستوى لحدة الإبصار، وتطلبت 75% من الحالات التدخل الجراحي أو العلاج بالليزر ولم يتمكن جميع المرضى من استعادة نظرهم بالكامل بسبب حدة الإصابة وتلف الشبكية. وتم الإبلاغ عن 14 شاباً تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 30 عاماً تم الكشف عليهم واحتاجوا إلى تدخل علاجي لإصابتهم بضعف الإبصار المفاجئ بعد تعرضهم العرضي والقصير لأجهزة الليزر، حيث كانت نسبة البصر لدى المرضى بعد الإصابة تتراوح بين 40/20 إلى 200/4 وبمعدل ضعف يصل إلى 290/20 وبعد التدخل الطبي مازالت هناك مجموعة تعاني من نقص كبير في النظر، حيث يتراوح معدل النظر لديهم بين 15/20 إلى 300/20 وبمعدل 40/20. وتبين أن أربعة من المصابين يعانون من ثقب كامل السماكة في البقعة الصفراء تمثل في قطع في جزء العين المسؤول عن الرؤية المركزية والمفصلة وهذه الثقوب تعتبر الأولى الناتجة عن استخدام أجهزة الليزر المحمولة باليد والموثقة في منشورات مراجعة الزملاء المطبوعة باللغة الإنجليزية. ودلّت الدراسة على حدوث إصابات أخرى نتيجة لاستخدام الليزر شملت نزيفاً في طبقات الشبكية المختلفة وتجعد البقعة الصفراء وانفصال الشبكية ووجود فجوة في الشبكية، وقد تحسنت أربع حالات فقط بنسبة 29% على الفور بازدياد القدرة على الإبصار في حين تطلبت عشر حالات (بنسبة 71%) تدخلاً طبياً جراحياً اشتمل على استئصال الجسم الزجاجي، وقد تم عرض هذه الدراسة في ملصق علمي في اجتماع الجمعية الأمريكية لطب العيون، الذي عقد بتاريخ 15 نوفبر 2013م في الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي تحت النشر في المجلات العالمية. ولا تجدي الطرق الوقائية الطبيعية للعين مع أقلام الليزر عالي الطاقة، التي من الممكن أن تتسبب في حدوث ضرر بالغ في الشبكية، حيث تؤثر أجهزة الليزر عليها نتيجة الكي الضوئي واختلال الصورة أو التفاعل الضوئي الكيماوي. ويمكن أن تتسبب أقلام الليزر الأزرق ذات الطول الموجي الذي يبلغ 450 ملي وات، التي تتراوح طاقتها بين 150 – 1200 ملي وات في حدوث مشكلات في التفاعل الضوئي الكيماوي للشبكية ومع الأسف فإن هذه الأقلام يتم تسويقها على هيئة ألعاب ويمكن للمراهقين أن يحصلوا عليها بكل سهولة وبتكلفة رخيصة عن طريق الإنترنت ونراها متداولة في الأماكن العامة، وكذلك في الملاعب الرياضية. وناشد د.الطويرقي بتنفيذ حملة توعية بمخاطر استخدام هذه الأقلام، خاصة في الملاعب الرياضية، حيث إن البعض يستخدمها اعتقاداً منه أنها فقط تشتت الانتباه للشخص الموجه إليه هذا الإشعاع سواء كان زميلاً أو لاعباً أو عابراً للطرقات دون أن يعي الضرر الناتج عن استخدامها، الذي قد يؤدي إلى تلف في الشبكية يؤدي إلى فقدان نسبة كبيرة من النظر لا يمكن علاجها، وشدد على ضرورة تكاتف الجهود لدى الجهات المعنية المختلفة بضرورة اتخاذ ما يلزم لمنع استخدامها، مؤكداً أن المستشفى حريص كل الحرص على القيام بالبحوث العلمية التي من شأنها أن تفيد المجتمع وتساعد في إيجاد حلول علاجية أو جراحية تفيد مرضى العيون. وذكرت الباحثة الرئيسة الدكتورة صبا الرشيد الرئيس المشارك في قسم الشبكية والجسم الزجاجي بالمستشفى أن المأمول من هذه الدراسة أن تنعكس فائدتها على المجتمع وتوعيته بمخاطر الليزر على العين وما قد يسببه من مشكلات لا تحمد عقباها. وبيَّن كل من الدكتور محمد العمري استشاري طب وجراحة العيون من قسم الطوارئ في المستشفى، والدكتور سليمان السليمان استشاري مشارك في قسم الشبكية (المشاركين في البحث) أن طوارئ المستشفى تستقبل هذه الحالات بشكل مستمر، وأن أجهزة الليزر تشكل خطراً على بعض المتداولين لها، الذين لا يعون خطورتها، ما قد يسبب تلفاً في الشبكية ومن ثم فقدان البصر لا سمح الله، لذا ننصح بعدم تداولها أو اللعب بها. جدير بالذكر أن الهيئة السعوديَّة للمواصفات والمقاييس والجودة ستبدأ مطلع شهر يناير المقبل التطبيق الإلزامي للائحتها المحدثة للعب الأطفال في محاولة للحدّ من محاولات إغراق السُّوق السعوديَّة بألعاب رديئة الصنع ورخيصة الثمن أو لا تحتوي على اشتراطات ومتطلبات السَّلامة لا سيما المستوردة من بعض الدول الآسيوية. وأكد الأمين العام لهيئة التقييس الخليجيَّة نبيل ملا في تصريح صحفي أن الهيئة عملت على بلورة منظومة تشريعيَّة موحدة لضبط سلامة المنتجات والخدمات بهدف إزالة الحواجز الفنيَّة غير الضروريّة، التي تعيق التجارة بين الدول الأعضاء مع ضمان مستوى عالٍ من الحماية لصحة وسلامة المواطنين والمقيمين، وكذلك مصالحهم المشروعة فضلاً عن حماية البيئة وترتكز هذه المنظومة أساساً على تحديد مسؤوليات المؤسسات الحكوميَّة لضمان صحة وسلامة المستهلكين ومصالحهم المشروعة، فيما تمنح التجار والصانعين خيارات متنوّعة للقيام بواجباتهم تجاه المجتمع المدني، بالإضافة إلى ضمان استثماراتهم في الطرق الصحيحة، التي تحقَّق متطلبات الجودة لهذه المنتجات.