إن دراسة الرأي العام هي من الدراسات المهمة في علم النفس والاجتماع، وهي متصلة ومرتبطة بالفرد في المجتمع، وبما أن الفرد يُعد جزءاً من المجتمع فإنه يتأثر بفعل العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبالتالي يصبح من الصعب معرفة توجهاته وحركته. لذلك كان لابد من ابتكار وسائل لقياس وكشف طبيعة هذه التوجهات والمعتقدات. إذ استعان علماء النفس والاجتماع بوسائل وتقنيات حديثة ساهمت في بلورة أسلوب وطريقة استطلاع الرأي العام وهو عبر تقنية الإحصاء التحليلي، الذي لعب دوراً كبيراً في تغيير كثير من المجتمعات وتوجيهها إلى الأفضل بعد أن كانت تسير بطريقة عشوائية فيها كثير من الخطأ. سارت حركة الاستطلاع في اتجاهها الصحيح، عندما انتقلت من الفرد إلى المجتمع، ومن الاهتمامات التي تدور حول شؤون الفرد إلى الاهتمامات التي تنصبّ على الشؤون العامة. لذلك تطوّرت حركة استطلاع الرأي العام أو استفتاء الرأي العام عندما أنشأ غالوب معهده عام 1935 باسم (المعهد الأمريكي للرأي العام)، وبدأت الجامعات الأمريكية تهتم بهذا الموضوع. وفي عام 1947 تكونت الهيئة الدوية لمعاهد غالوب للرأي العام وكانت تضم معاهد من دول أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية. إلا أن موضوع الرأي العام لم يصبح موضوعاً لعلم النفس الاجتماعي إلا مع بداية القرن المنصرم، حيث حاول بعض علماء النفس أمثال (دووب) و(ألبورت) و(كنغ) أن يدرسوا أثره في سلوك الأفراد و الجماعات، وقد اختلفت الآراء ودار جدل حول هذا الموقف وأثره في سلوك الأفراد والجماعات ودوره في تقرير السلوك المستقبلي. إذن قيام الرأي العام لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة ظروف اجتماعية وسياسية طرأت على المجتمع الغربي في نهاية القرن التاسع عشر. حيث عرفت المجتمعات الغربية تحولات سياسية طالت بناها الاجتماعية والاقتصادية في العمق، فتزايدت الإنتاجية ودخول المكننة والتقنيات الحديثة في الحياة الاجتماعية، حتى ولو بشكل غير منظم وغير مخطط، لذلك كان لا بد من هذا التحول الكبير من وسيلة أو طريقة لتحويل المجتمع إلى مجتمع استهلاكي وذلك عن طريق دراسة الحاجات وآراء المجتمع لمعرفة الوسائل التي تدفع إلى إشباع وإيجاد الحاجات الجديدة التي تدفع الجمهور للاستهلاك. هذا على الصعيد الاقتصادي أما على الصعيد الاجتماعي فهناك كثير من العادات والقيم التي حدث فيها تغيّر بفعل الاستطلاع. أين نحن من الاستطلاع؟!